منذ تولي حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ مقاليد الحكم في البلاد في الحادي عشر من يناير من عام 2020، وخطاب عمان المستقبل الذي وضع جلالته فيه النقاط على الحروف، حدد فيه توجهات الدولة ورؤيتها وفلسفة عملها وأجندتها، والمسار الذي تتجه إليه مسيرة العمل الوطني القادم لتحقيق رؤية عمان 2040، في سير حثيث على النهج الذي خطه باني نهضة عمان المغفور له بإذن الله تعالى حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور ـ طيب الله ثراه ـ ليضيف إلى عصرية النهضة وقوة بنيانها ورسوخ أركانها وعظمة مفاخرها وشمولية منجزاتها، محطات متواصلة من التجديد المستمر والتطوير النوعي المبتكر في ظل معطيات مرحلة جديدة وظروف إقليمية ودولية مستجدة.
لم يمضِ على تولي جلالته ـ حفظه الله ورعاه ـ سوى أشهر قليلة، غير أن ما حمله من أجل عمان من أحلام وآمال، وما يصنعه اليوم من أجل مستقبلها المشرق شواهد إثبات ترسم طريق القوة وتبشِّر بمستقبل مشرق باستمرارية إنجازاته وعظمة عطاءاته، محطات عطاء مشهودة، وحصون إنجاز محمودة، تعبِّر بصدق عما ينتظره مستقبل عمان الباهر على يدي ابن النهضة الأمين وسليل المجد الأصيل من تحولات في مسيرة عمان، وتحقيق التقدم وزيادة فرص العطاء للمزيد من القوة والإنتاجية والريادة والمنافسة؛ وهو يضع أبناء عمان أمام مرحلة جديدة أساسها الإنسان الواعي المخلص المنتج المبادر المسؤول الذي يمتلك أدوات المنافسة ومهارات النجاح؛ ويصنع من حضوره الشامخ في عرصات العطاء وميدان المنافسة مسيرة تحول لن يأفل بريقها أو يخفت ضوؤها لتنساب في أروقة الوطن ومجريات الأحداث إنجازات شامخة وأرصدة نجاح باهرة، ومشتركات يقف عليها أبناء عمان جميعهم بلا استثناء وفاء لجلالة السلطان قابوس ـ طيب الله ثراه ـ وولاء لجلالة السلطان هيثم ـ حفظه الله ورعاه.
لقد حرص جلالته ـ حفظه الله ورعاه ـ على وضع أجندة خطاب عمان المستقبل موضع التنفيذ ليتابع بنفسه مستجدات العمل بها، ويسدي توجيهاته السامية إلى قطاعات الدولة المختلفة في وضعها موضع التنفيذ وفق خطة مدروسة وآليات عمل محكمة واستراتيجيات أداء دقيقة وبرامج مؤطرة لتنعكس نواتجها على المشهد الوطني ويتجلى تأثيرها في عملية بناء الإنسان وتقدم الوطن، واضعا التحديات المستجدة للمرحلة الناتجة عن جائحة كورونا (كوفيد19) وانخفاض أسعار النفط إلى أدنى مستوياته، أمام رؤية عمل وطنية تضمن تقليل مخاطرها والاستفادة من هذه المحن والأزمات في رسم علامة فارقة في تجويد الأداء الوطني وإعادة المسار بشكل أكثر تخطيطا وتنظيما وتقنينا وتفعيلا ومهنية وعمقا، وتوفير الممكنات التي يحتاجها في التعاطي مع هذه التحديات لتتميز عمان بتفردها وخصوصيتها في الطريق الذي اتجهت إليه والمسار الذي سلكته، وليضمن أن مفهوم التجديد والتحول وإعادة توجيه المسار وتقييم الإنجاز والوقوف على كل المحطات السابقة، لا يعني التنازل عن الخصوصية الوطنية لعمان في ثوابتها ومصداقية مبادئها وثبات سياساتها ونهجها؛ بل هي مدخلات لضمان تحقق الجودة والكفاءة والمهنية والمعيارية في قراءة ظروف الزمان والمكان، وفهم مقتضيات الواقع الوطني ومتطلباته ونوعية التحديات التي تواجهه؛ ولمَّا كانت النُّهُج التي رسمها جلالة السلطان ـ حفظه الله ورعاه ـ واضحة، والأدوات معلومة، والطريقة مفهومة، والآليات مستوعبة من المواطنين، ومدركة من ذوي الاختصاص والقائمين على رعاية شؤون المواطنين، لذلك مضت بخطى واثقة وموجهات ثابتة في استكمال خطتها في التعامل مع مستجدات هذا الواقع الوطني وما تحمله المؤشرات العالمية والظروف الإقليمية حول مستقبل المنطقة، وأرست دعائم عملها بكفاءة لتصل إلى استقرار، وتحقق أهدافها بكل افتخار.
على أن ما يحمله جلالته ـ حفظه الله ورعاه ـ في تحقيق معادلة التوازن الوطني بين معالجة الأزمات وتحقيق الطموحات من نضج فكري وهدوء قيادي وقراءة متانيه للأمور، وحكمة في التعاطي مع المعطيات والأحداث، والخبرة المهنية والتجربة العملية التي أدرك خلالها الكثير من المعطيات الداخلية التي يعيشها وطنه؛ رصيد يضيف إلى عناصر القوة الداعمة لمستقبل عمان لتنعكس جميعها في إدارته الحكيمة للمشهد الوطني، تحقيقا لمسار التوازن الذي انتهجه في إدارة متطلبات المرحلة والخروج من هذه الأزمات بأقل المخاطر وتنفيذ الأجندة المرسومة في خطاب عمان المستقبل، لمرحلة أكثر اشراقة وتطورا استمرارا لنهج القوة الذي رسم لعمان مساحة الأمان وعزز من تفرُّدها في قراءة الأحداث، لذلك اتخذت حكمة جلالته ورؤيته السامية في التعامل مع الواقع مسارين، فمن جهة عليه أن يواجه هذه التحديات المستجدة التي أثرت بشكل كبير على أجندة العمل المطروحة في خطاب عمان المستقبل ويتعامل معها بكل احترافية ومهنية وابتكارية عالية موظفا كل الإمكانات والفرص المتاحة، ليصنع من هذه التوجهات تفاعلا مجتمعيا مسؤولا من كل فئات المجتمع في التعاطي مع هذه التحديات وامتلاك ممكنات التعامل مع تأثيراتها على حياة الفرد والمجتمع وتكيفه معها وترسيخ أعلى معدلات الإيجابية والثبات على المبدأ وتنوع البدائل كمنطلقات لرسم سيناريوهات العمل وتوجيه الجميع في خندق المسؤولية، ومن جهة أخرى، أن يتابع تنفيذ الأجندة التي وعد بها شعبه الوفي في خطاب عمان المستقبل، والتي وجد فيها أبناء عمان الطريق الصحيح والنهج السليم والرؤى السديدة والروح الوطنية المخلصة والمسار الذي تحتاجه رؤية عمان المستقبل 2040.
لقد أسدى توجيهاته السامية الكريمة إلى تشكيل اللجنة العليا المكلفة ببحث آلية التعامل مع التطورات الناتجة عن انتشار فيروس كورونا (كوفيد 19)، والتي كان لدعم المقام السامي والرعاية الكريمة لها أثرهما الإيجابي في قيام اللجنة بمسؤولياتها الوطنية والإنسانية والأخلاقية في سبيل الحد من انتشار فيروس كورونا وتيسير كل السبل لها في تحقيق الأهداف المرجوة منها، وتبني الآليات والاستراتيجيات وتفعيل كل خطوط التأثير الوطنية بما يضمن الوصول إلى أفضل النتائج وأقل الخسائر المترتبة على هذه الجائحة، والمحافظة على سقف التوازن الوطني في أعلى مستوياته، من أجل تحقيق أمن الإنسان وسلامته وتوفير كل الرعاية والعناية به، وجاءت التوجيهات السامية لجلالة السلطان إلى اللجنة بأن لا تدخر عُمان جهدا أو وسعا في التعامل مع الجائحة وحماية المواطنين والمقيمين من الفيروس، مع التأكيد على مبدأ الضبطية واتخاذ الإجراءات القانونية الحاسمة في كل من يتجاوز هذه التعليمات أو يخاطر بنفسه ويضر بالمجتمع، مرحلة مهمة في استراتيجية بناء ثقافة الأزمات والتعامل مع الحالات الطارئة التي نجحت عمان فيها وأصبحت بيت خبرة إقليميا وعربيا مشهودا بنجاحاته، وتأطيرا منهجيا وطنيا واضحا في إدارة الحالات الاستثنائية، وتأكيدا لمنحى الإنسانية التي ترفرف على أرض عمان: السلام والأمان والحياة والأمل، بما يحفظ لعمان خصوصيتها ويصنع لها حضورها المتفرد في التعاطي مع هذه الأزمات.
وشكَّل انخفاض أسعار النفط تحديا آخر مع بداية تولي جلالته ـ حفظه الله ورعاه ـ مقاليد الحكم، وكان على الحكومة أن تضع له الآليات والأدوات للحد من تأثيره على المنظومة الاقتصادية الوطنية والموازنة العامة للدولة، لذلك اتجهت رؤية جلالته ـ حفظه الله ورعاه ـ إلى التعاطي مع هذا الملف بكل أريحية وهدوء، وحرص نحو تبني أفضل الآليات وأنجع السبل للحد من تأثيره على حياة المواطن اليومية في إطار الرؤية السامية التي وضعت توجيه الموارد المالية للدولة التوجيه الأمثل لخفض المديونية وزيادة الدخل في أولويات الأجندة القادمة للحكومة، حيث جاء في خطاب عمان المستقبل لجلالته ـ حفظه الله ورعاه: “ كما أننا سنحرص على توجيه مواردنا المالية التوجيه الأمثل، بما يضمن خفض المديونية، وزيادة الدخل، وسنوجه الحكومة بكافة قطاعاتِها لانتهاج إدارة كفؤة وفاعلة، تضع تحقيق التوازن المالي، وتعزيز التنويع الاقتصادي، واستدامة الاقتصاد الوطني، في أعلى سُلَّم أولوياتها، وأن تعمل على تطوير الأنظمة والقوانين ذات الصلة بكل هذهِ الجوانب بمشيئة الله”، ولتحقيق التوازن الاقتصادي فقد أسدى جلالته ـ حفظه الله ورعاه ـ توجيهاته السامية إلى وزارة المالية بالعمل على إعادة مراجعة المسار المالي للشركات الحكومية وما يتعلق بالمكافآت، بما يضمن تحقيق الوفرة المالية والتوازن الاقتصادي والتقليل من الهدر الحاصل للموارد وتقنين الإنفاق وترشيد النفقات، لتجسد المنشورات المالية مرحلة مهمة في اقتصاد الأزمات وتحقيق إدارة واعية لهذا الملف بما لا يضر بالحياة المعيشية الكريمة للمواطن، ويضمن توفر كل المتطلبات الحياتية والمعيشية اليومية في وضعها الطبيعي وبأسعارها المعتادة. وجاءت توجيهات جلالته ـ حفظه الله ورعاه ـ القاضية بتشكيل لجنة لمعالجة الآثار الاقتصادية الناتجة عن جائحة كورونا (كوفيد19) منبثقة من اللجنة العليا المكلفة في إطار السعي إلى تحقيق مبدأ التعايش مع ظروف الجائحة والتكيف مع الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية التي أوجدتها، ووضع الآليات المناسبة للحد من آثارها لضمان سرعة عودة الأنشطة الاقتصادية: التجارية والصناعية والاستثمارية والخدمية لتحقيق أفضل معدلات النمو الاقتصادي عبر دراسة الآليات المحققة لذلك مع جهات الاختصاص والقطاع الخاص، منطلقا لإنتاج القوة الاقتصادية في مواجهة الجوائح والأزمات.
لقد نجحت رؤية جلالته ـ حفظه الله ورعاه ـ في رسم ملامح عمل مضيئة قادمة لتنفيذ الأجندة السامية في رؤية “عمان 2040” ووضعها قيد التنفيذ الفعلي، تحقيقا لمبادئ النظام الأساسي للدولة الصادر بالمرسوم السلطاني (101/96) الذي أكد على إرساء دعائم العدالة والمساواة في الحقوق والواجبات والمسؤوليات، وتحقيقا لذلك كانت الخطوة الأولى في إرساء منصات لتحقيق هذه الأجندة على أرض الواقع، فجاء إنشاء المكتب الخاص بالمرسوم السلطاني رقم (59/2020)، والذي جاء من بين اختصاصاته: “اطلاع جلالة السلطان المعظم على سير برامج العمل المنبثقة عن رؤية عمان 2040”، إحدى ثمرات هذه المراجعة، ليضع جلالة السلطان المعظم في صورة الواقع الفعلي لكل مجريات العمل الوطني صغيره وكبيره بكل شفافية ووضوح، لتجري السفينة بهدوء رغم تلاطم الأمواج، تعطي وتنتج وتثمر لتقف على شاطئ الأمان محفوظة بعين الله ومشيئته؛ ثم جاء إنشاء جهاز الاستثمار العماني بالمرسوم السلطاني (61/2020) ليكون كيانا وطنيا استثماريا موحدا يضم مجموعة من الكيانات الاقتصادية والاستثمارية والتنفيذية والرقابية المالية تحت مظلته، وتنقل إليه ملكية كافة الشركات والاستثمارات الحكومية فيما عدا شركة تنمية نفط عمان وبعض المساهمات الحكومية في المؤسسات الدولية، ليشكل بدوره مرحلة مهمة في البناء الاقتصادي الموجه، وتحولا استراتيجيا قادما في إدارة الموارد المالية، وتوفير بيئة استثمار واعدة قادرة على صناعة الفارق وتحقيق نواتج فاعلة لها على أرض الواقع.
فإن من شأن وجود هذا التنظيم لقطاعات الدولة وبنيتها المؤسسية والتشريعية والاقتصادية أن يؤسس لمرحلة متقدمة تنفيذا ومتابعة وتقييما وإدارة وتفعيلا للمرحلة القادمة من العمل الوطني التي ستشهد تحولات جذرية، تزامنا مع بدء مرحلة جديدة في بناء عمان المستقبل، مرحلة يجب أن يكون للمواطن حضوره الفاعل فيها، وأن يسهم بفاعلية أكبر في تشكيل ملامحها، وفق آليات المستقبل ومعطياته والحدس بالتوقعات كنتاج للظروف والتحديات والمتغيرات التي أملتها الظروف الدولية الراهنة، ما يحتم أن يمتلك المواطن فقه إداراتها والتعاطي الواعي معها، وأن يمتلك الحصانة الفكرية والنفسية والقيمية والمبادئ والمهارات في التكيف معها واستيعاب أحداثها وتقييم محتواها، في مواجهة التيارات التي قد تأخذه على حين غرة، أو تسلبه خصوصيته وتفرده بدون أن يدري، لذلك كان الرهان القادم على المواطن العماني في رسم ملامح التغيير وإعادة هندسة السلوك الاجتماعي وتوجيهه لصالح التنمية الفاعلية والأداء الوطني النوعي، في مرحلة تتسم بالتعقيد والعمق والاتساع والتداخل، وتتطلب المزيد من الحكمة والتعقل والسرعة المعصومة من الخطأ والاستعداد والجاهزية وامتلاك البدائل وتوليد السيناريوهات، وهو المعنى من الخطاب السامي لجلالته ـ حفظه الله ورعاه ـ في قوله: “إننا نقف اليوم، بإرادة صلبة، وعزيمة لا تلين على أعتاب مرحلة مهمة من مراحل التنمية والبناء في عمان، مرحلة شاركتم في رسم تطلعاتها، في الرؤية المستقبلية “عمان2040”، وأسهمتم في وضع توجهاتها وأهدافها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، بما يجسد الرؤية الواضحة، والطموحات العظيمة لمستقبل أكثر ازدهارا ونماء، وإننا لندرك جميعا التحديات التي تمليها الظروف الدولية الراهنة، وتأثيراتها على المنطقة وعلينا، كوننا جزءا حيا من هذا العالم، نتفاعل معه، فنؤثر فيه ونتأثر به”.
لقد جاءت الإرادة السامية مستوعبة كل هذه الأحداث، لتقرأ هذه الأجندة في توازن جم وتصالح بين الأولويات والمعطيات، وتناغم بين السياسات والبرامج، متخذة من رؤية “عمان 2040” طريقها في رسم ملامح التحول القادم، وفق مسارات تتسم بالتنظيم المعزز للإنتاجية والإبداع والابتكار والمنافسة، والإدارة الحكيمة الرشيدة التي تقرأ طبيعة المرحلة والظروف الراهنة بكل تفاصيلها مع المحافظة على سقف التواصل مع المواطن في أعلى مستوياته ممدودا وجسور التكامل مفتوحة في أفضل حالاتها وأنصع أدواتها وأرقى محطاتها، لقناعة الرؤية الحكيمة الحصيفة لجلالته ـ حفظه الله ورعاه ـ بأن قدرة المواطن على رسم ملامح التغيير الناجح وفتح الآفاق لمستقبل أكثر إشراقا؛ إنما يأتي عبر تحقق ممكنات العلم والوعي والثقافة والفهم والابتكار والريادة والشراكة واستشعار طبيعة المرحلة والظروف التي تعمل فيها والأجندة التي تحتاجها لتتحقق هذه الآمال والأحلام واقعا عمليا، لذلك اتسمت مسيرة العمل رغم أشهرها المحدودة بالتدرج والحدس ورسمت الفراسة في مسيرة بنائها، وعبر أسلوب التوجيه المتوازن والمتدرج في ما جاءت به المراسيم السلطانية السامية وحزمة الإجراءات المتخذة بأمر سامٍ، التي أعطت المواطن فرصة أكبر للتكيف معها والتعاطي بإيجابية مع طبيعتها، إيذانا بمرحلة جديدة من العمل الوطني التي يمارس فيه الجميع مسؤولياته بصدق وإخلاص، مرحلة بحاجة إلى أن يتنازل فيها المواطن عن بعض ما لديه من أجل أن يسعد هو وأبناؤه ومجتمعه وأن تستعيد عمان عافيتها في مواجهة هاتين الجائحتين، وأن يمتلك الجميع من موجهات بناء الذات وقوة الضمير والحس المسؤول والثقة بالنفس والحفاظ على مسار التكامل مع مؤسسات الدولة ما ينتزع أنانية الذات ويزيل ضبابية التفكير وهشاشة الشعور وسلبية ردات الفعل، ويعزز من روح الولاء والانتماء لعمان وجلالة السلطان، فإن التعاون من أجل تحقيق الأحلام وبناء الأهداف وترسيخ رؤية متجددة لعمان المستقبل والمحافظة على سقف التوقعات، والثقة السامية في أبناء هذا الوطن الغالي بحرصهم على أن يكونوا لبنة خير ومسيرة إنتاج وداعم لجهود القيادة في بناء عمان المستقبل؛ إنما يستدعي تكاتف الجهود وتعميق مفهوم المسؤولية وحس الضمير، ووضع الصالح المجتمعي العام فوق كل اعتبار، عندها تصبح هذه الموجهات بمثابة مساحة يصنعها المواطن ويوفر للرؤية الحكيمة السامية، الأسباب الدعمة لنجاحها والبيئة المواتية لتحققها واقعا عمليا، ولأن الحكومة والشعب في خندق المسؤولية واحد، لذلك كان على المواطن والمؤسسات أن تدرك ما تحمله هذه الرؤية السامية من أجل عمان فتقف معها وتشمر عن ساعد الجد لتحقيقها، وتعمل مع جلالة السلطان على بلوغها وتهيئ لها أسباب النجاح والتفوق، وتعزز في سبيل تنفيذها الممارسة النوعية الهادفة التي تصنع الفارق، وعندها ستتحقق ـ بعون الله ـ رؤية القائد الملهم والأب الحاني ما أراده لعمان في خطاب المستقبل بقوله: “فإننا عازمون على اتخاذ الإجراءات اللازمة لإعادة هيكلة الجهاز الإداري للدولة، وتحديث منظومة التشريعات والقوانين وآليات وبرامج العمل وإعلاء قيمه ومبادئ وتبني أحدث أساليبه، وتبسيط الإجراءات وحوكمة الأداء والنزاهة والمساءلة والمحاسبة؛ لضمان المواءمة الكاملة والانسجام التام مع متطلبات رؤيتنا وأهدافها..” .
أخيرا شكلت التوجيهات السامية الكريمة لجلالة السلطان والمراسيم السلطانية التي جاءت تباعا مع هذه الأحداث والمعطيات، محطة تأمل يستشعر فيها المواطن مرحلة جديدة من العمل الوطني المدروس، ونافذة متجددة لبناء المستقبل واستشرافه، تطل بها عمان على مرحلة جديدة من العطاء عنوانها، الانتقال بعمان إلى مستوى طموحات أبناء عمان وبناتها وآمالهم وأحلامهم في شتى المجالات، وهي مرحلة ستجد ـ بعون الله ـ من أبناء عمان التأييد والولاء والالتزام والمثابرة والجد والاجتهاد. لقد سار جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم بالسفينة إلى بر الأمان، حاملة معها أحلام العمانيين وآمالهم وطموحاتهم المتجددة في العهد السعيد، ويبقى ما يحمله المواطن من منصات الوعي وحس المسؤولية والالتزام والانقياد والطاعة، وما يجسده من مشاعر التعاون والتكامل خير من يؤسس لهذه الرؤية مسار القوة ويصنع لها بلسم النجاح، فإن الثقة التامة والتسليم المطلق بالتوجيهات السامية لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ تضع أبناء عمان أمام استشراف قادم بمستقبل يضيء فرحا ويبتسم إشراقا، يحفظ لهم مساحات العطاء نشطة، ومنصات الإنجاز ممدودة الأثر، مبهرة الغرس، نظرة باهية مشرقة في عين القيادة الحكيمة ورعايتها وصدق رؤيتها، وعاطر نطقها السامي.
د. رجب بن علي العويسي