بعد التحية للجميع..
” التطرف بجميع أنواعه وأشكاله ومعتقداته نباتات سامة لا تصنع فكرا ولا تربت على كتف الإنسانية “
في الحقيقة قد يختلف معي الكثيرين سيما مؤيدي الخلاف والهجوم المضاد بجميع أدواته وأشكاله ومسمياته..ولكن لا بأس فلكل إنسان رؤيته ومنهجه وزواياه الإنسانية والنفسية والبيئة التي ينطلق منها..فا إختلاف وجهات النظر في قاموسي لا تعني الخلاف طالما أنني أؤمن أن فضاءات الرأي ليست حكرا على أحد..بينما لست مجبرا ولن أجبر كائن من كان للإنصياع أو التبعية لما أحمل بين جنبي من أراء أجدُ أن الوقت قد حان للتفكير فيها والعمل بمضامينها..
وسأستهل مقالي هذا بما أراه مناسبا لوقف النزيف البدني والفكري الذي إن لم يتعامل معه بعقل ورجاحة العقلاء فإنه لن يقل خطرا من خطورة نظرية المؤأمرة التي تكون بداياتها إشغال الشعوب فيما بينهم وزرع بذور الفتنة وريها من منابع الكراهية والبغضاء حتى يستفحل بهم الشقاق ويصبحوا فرقاء متنافرين متخاصمين في السلم قبل الحرب.
ومم لا شك فيه أن العالم الإفتراضي بمنصاته المختلفة وإيدلوجايته المتعددة يعد حاضنة لكل غث وسمين وما على العاقل المتبصر إلا أن يفهم حقيقة المقاصد ويعطي لنفسه الوقت الكافي لإستشراف المستقبل..
وما يحدث اليوم من تراشق وإختلاف بين أبناء البيت الخليجي الواحد ينبئ بمزيدٍ من الفرقة والشتات فيما بينهم..فالإحتدام والصراع الذي يحدث على هذه المنصات يعد مخالفا لجميع الأعراف الأخوية ناهيك عن الذين يضربون بكرتهم في فضاءات رحبة أكبر من وعيهم السياسي ويقحمون أنفسهم في مهاميز السياسة التي تحكمها الحكمة والدبلوماسية والمصالح المشتركة بين الحكومات.
وحينما يقف الواحد منا على الحدث يجد نفسه محتار بين مفترقي طرق ولكن بعد التمحيص والتأمل في مسلك كل طريق يجد نفسه أن نهاية جميع الطرقات تؤدي إلى مكان واحد لا لسواه وهو الوحدة الخليجية بكل ما تحمل من أبعاد ومفاهيم.
إذا لماذا هذا التراشق وهذا الشتم وهذا الخلاف المستمر وكأنما هناك من يساهم في تلقيح وتذكية عملية شق الصف بين القطب الواحد ويسعى جاهدا لزعزة استقراره فوجد نقطة الضعف في أبنائه ولكي لا أعمم في الفئة المندفعة التي تتحمس وتستنفر وتستنهض جميع قواها لتثبت للأخرين عن مدى حبها ودفاعها عن وطنها.
ومن هنا تتوسع الفجوات إذ يجد صاحب المصلحة من توسيع رقعة الشقاق فيما بينهم البوابة الأمنة للعبور منها إلى مقاصده وتسخير أدواته وعدته وعتاده لشيطنة كل فريق ضد الأخر سواء عن طريق تشويه صورة رمز من رموز الوطن أو عن طريق العبث بإيقونات التاريخ أو عن طريق استحضار الموتى والزج بهم في الصراعات التي تؤخر المضي نحو آفاق مستقبلية لبناء الإنسان الواعي بفكره وإنسانيته.
ففي جميع الأعراف والمبادئ والقيم الدينية والإنسانية أن السباب والقذف والشتم وتحوير الحقائق وطمسها لا تصنع لا مثقفا ولا فكرا ولا انسانا ولا تاريخا ولا وطن. بل تزيد العتمة ظلام حتى تصبح العقول مؤدلجة لاترى النور في وضح النهار.
وعليه استرشدت بعد تأمل وتأني أن أقدم نصحي لكافة أبناء البيت الخليجي الواحد ولا ألزم أحد بإتباعي إنما من باب حب لأخيك ما تحب لنفسك. قائلا ومذكرا نحن في أمس الحاجة للتكاتف والوئام وتفعيل السلام بيننا واللحمة التي تجعل كل واحدا منا يرى الأخر مكمل له.
فقبول الأخر ليس عيبا إنما التهكم والمغالاة في سوء الظن والتنابز هو الخطر المحدق والمتربص بوحدتنا وتعاضدنا كإخوة أشقاء..نسير في ذات السفينة التي إن سمح أحدٌ منا بثقبها فسنغرق جميعا ولن ينفعنا عندها البكاء والتباكي على اطلال الإخوة والإستقرار الذي تفتقر إليه أغلب المجتمعات والشعوب المتناحرة المتنافرة.. وما يحدث في أقطار مختلفة حولنا ليس عن حيز علمنا وأنظارنا ببعيد..
كما أن ما للحكومات للحكومات وجميع قادتنا في هذا البيت الخليجي الواحد ينبغي أن نراهم كرموز نستظل بمظلة رأيهم ونصطف حولهم ونحن على بقين أن كل واحد منهم مكمل للاخر وكل واحد منهم لايقل حرصا على تقدم وطنه وشعبه لأجل أن ننعم نحن أبناء هذا الوطن الواحد بالأمن والرخاء والسلام ونركز على الغد المشرق بالنور والتقدم في كافة المجالات التي تخدم مصالحنا وتُعمر أوطاننا..
وإنني على ثقة كبيرة أن العقلاء والحكماء وأصحاب الرأي السديد والنظرة المستقبلية هم وحدهم القادر على غرس بذور الوئام مهما أختلفت الرؤى..وتكالب الخصماء.
وللحديث بقية في قادم الوقت
سالم السيفي
الجمعة..٢٦/٦/٢٠٢٠م