يوم السبت المُوافق 4 يوليو وعندما أعلنت وزارة الصحة عن وفاة 10 أشخاص ليصل عدد الوفيات إلى 203 حالات، أصاب النَّاس الخوف والذهول، وارتفاع عدد الإصابات لأكثر من 45 ألفًا، كان نصيب العُمانيين منها الأعلى طوال الأسبوعين الماضيين، هنا صرخ فيروس كورونا بأعلى صوته قائلاً: كفاكم استهتارا أيها الشعب العماني!!
كيف لكم أن تتهاونوا وتقللوا من قوتي ومن قسوتي، أنا فيروس اتخلل أحشاءكم وأصارع مناعتكم لكي أتغلب عليكم، كنت في السابق أتابع التزامكم واحترمكم كونكم ملتزمون بالتعليمات، فأنا أكره من يُعاديني ويتحداني. وأصدقكم قولاً إنكم لن تتمكنوا من التغلب عليّ. فلن يستطيع أحد منكم مهما كانت قوته التغلب عليَّ إذا تغلغلت في أحشائه، أقولها بصراحة أنا أحب الانتقام من المتهورين والمستهترين، هؤلاء لن أرحمهم فهم من أرغموني على أن أتصيدهم بسهولة. أنتم تعلمون منذ البداية أنني لن أُقهر بسهولة وكل العالم يخاف مني وقد تحديت العالم بقوتي وفتكت بأنفس ودمرت اقتصاديات العالم، وأنا قادر على أن أدمر كل من يتعرض لي ولا يلتزم بالتعليمات.
لا أحب من يستهتر بقدراتي الفائقة، فأنا عندما أغضب لا أفرق بين أحد وآخر ولا أميز بين صغير وكبير وبين غني وفقير ولا بين رجل وامرأة ولا بين أبيض وأسود إلا بالالتزام، وأنا احترم جداً الملتزمين وأرفع لهم القبعة وأنحني لهم تقديرا على محافظتهم لحياتهم لأنهم تحاشوا طعناتي المُوجعة وضرباتي القاضية.
أقول لكم وبصوت مرتفع منادياً ومحذرًا: أيها الشعب العماني الأصيل أنا فيروس قاتل لا أحب من يتحداني وأعشق من يتحاشاني، فقد قال ونبّهكم قبلي النبي محمد عليه الصلاة والسلام وقال: “كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته”، هل فهمتم الآن معنى هذا الحديث النبوي الشريف؟! إذا التزمتوا بالتعليمات كما حددتها حكومتكم، أنا أتألم عندما أجد أهلكم وذويكم يستلمون أحب شخص لديكم من المستشفى وتمَّ وضعه في أكياس بلاستيكية ويبكون بحسرة على فراقه، أتدرون لماذا أتألم لأنه تحداني وكان مصيره الموت وليته تحاشاني لما كنت قد سببت لكم الآلام في فراق عزيز لديكم.
أقولها هذه المرة بمرارة إنني سوف لن أرحمكم وسوف يكون عقابي شديدًا، كنت أود أن أرحل عنكم بسلام وأعيش بينكم كصديق أتعايش معكم وأساعدكم على التعايش ولكنكم أجبرتموني على أن أكون قاسياً، ولن يقف في طريقي أحد، فلن تجدون من يأويكم، فعندما ألقي قبضتي الحديدية على أي أحد منكم، فسوف يكون مصيره مبهمًا، ولن تتحملوا المزيد من الخسائر بسبب تهوركم، فسوف تعرِّضون أفراد أسرتكم لمزيد من الخطر؛ حيث سيتم عزلكم من جديد في بيوتكم، وهناك سوف تصارعون الحياة تحت رحمتي!
تابعتُ خلال الأشهر الخمسة الماضية جهود الحكومة لكي تجنبكم لسعتي، وتابعت هذا الرجل الشهم الذي يقود مسيرتكم المُظفرة جلالة السُّلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- ومعه يقف الجميع من أجل سلامتكم وسلامة هذا البلد، فقد أعلن عندما علم بتسللي لبلدكم الغالي منذ البداية، خطةً طموحةً لتجنيب البلد انتشاري السريع وشكل لجنة عُليا تحمل اسمي لكي تتعامل معي بحذر، ولمستُ الجدية والالتزام من قبل رئيس اللجنة العليا وكافة الأعضاء وعملوا وسهروا الليالي من أجل سلامتكم وكانوا يتتبعون وسائل انتشاري وخطري الشديد ويجنبونكم أي مكروه قد يصيبكم، ورغم ذلك تمكنت منكم، ولأني أصبحت واقعاً فكان لابد أن أتعايش معكم، ولكن وفق شروطي، وأخبرت وزير الصحة بأن ينقل لكم مطالبي ومتطلباتي التي تجنبكم غضبي. وأخبركم بما أريد من مطالب وهي مطالب بسيطة وفي متناول الجميع. ولم يألو معاليه جهدا وظل- ومعه فريق مدرب- ينصح في كل منبر وفي كل ملتقى ونبَّه عن الخطر.
لكن لم يستمع إليه المتهورون والمستهترون، لهذا رجعت من جديد ونشرت جنودي لكي يصطادوا المستهترين، لكن للأسف ارتفع عدد الضحايا وأصبحوا بالآلاف.
في الختام.. أقول لكم إنني لا أريد لكم مكروها، فقد أحبكم رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما قال: “لو أنَّ أهل عُمان أتيت فما سبوك وما ضربوك”، فلهذا أنا معكم الآن أعيش معكم ولا أعرف متى سأرحل؟ وحبي لكم يجعلني أقول لكم تحاشوني ولا تقفوا في طريقي واتبعوا التعليمات لكي تنعموا بالعيش الآمن…. مُخلصكم “كورونا”!
حمود بن علي الطوقي