…
هذا الأيام يحيي الشعب البوسني ذكرى *مجزرة* *سربرنيتسا* .
” الغريب أن أولادنا وطلابنا لا يعرفون شيئا عن هذه المجزرة الشنيعة ..
بل أكاد أجزم بأن 80% من أبناءنا لا يعرفون شيئا عن جمهورية البوسنة والهرسك
.. لقد مسحت من ذاكرتهم كما مسحت مجازر إسرائيل المجرمة واغتصابها لفلسطين من الذاكرة العربية ..!!”
..
مجزرة سربرنيتسا تلك المجزرة الدموية الرهيبة والتي كشفت حقيقة نوايا الغرب الأوربي وأهدافه وغاياته الخبيثة ..
وقعت المجزرة في يوم 6 يوليو .. حتى يوم 25 يوليو من العام 1995 ..
قتل فيها أكثر من *8300* إنسان بدم بارد .. وبمباركة وتصفيق من قوات الأمم المتحدة المكلفة بحماية المدنيين .. ولكنها أعطت الضوء الأخضر للسفاح الصربي *رادوفان* *كراذريتش* لمباشرة عملية التطهير العرقي ضد مسلمي البوسنة .
وأوضحت هذه المجزرة للعالم أجمع أن عواصم الفكر والنور وحقوق الإنسان هي في الحقيقة عواصم تخطيط الجرائم ورسم مخططات الإبادة .. ونشر العداء للإسلام والمسلمين .
الشيء الذي لفت نظري وحرك فؤادي تمسك الأحياء البوسنيين بأمواتهم طوال الخمسة والعشرين عاما الماضية .
تمسك نادر و عجيب.. ورابطة روحية فريدة تربط الأحياء بالأموات ..
التصاق لا يمكن وصفه بذكرى إخوانهم .. ورفات أمواتهم .
ليس هذا فحسب .. فقد شاهدت تقريرا يشير إلى أن هناك كثير من العائلات عثرت على جزء من رفات أبنائهم وأحباءهم .. ومازالوا طوال الخمسة والعشرين عاما الماضية مازالوا يبحثون عن النصف الآخر من الرفات .. أو الأجزاء المتبقية منه .. ولم بتوقفوا عن البحث.
يبحثون دون كلل أو ملل .. أو ضجر .
يتواصلون مع جهات الإختصاص ليل نهار للبحث والسعي للعثور على الجزء المتبقي والناقص من رفات شهداءهم .
ملتصقين بمقابرهم إلتصاقا عجيبا .. لا يتوقفون عن زيارة قبور أحبتهم ..
أي شعب هذا ..
أي عاطفة يملك .
أي عزيمة لديه..
أي وفاء في صدره لبعضه البعض .
إحدى الأمهات مازالت تزور قبر زوجها طوال الخمسة والعشرين عاما الماضية .. لم تتخلف يوما عن زيارته والبكاء على قبره .. والدعاء له .
إحدى الأمهات تقول .. منذ قتل زوجي لم تتوقف عيني من ذرف الدموع .. والدعاء له .
عائلات تقول بأنها فقدت الحياة منذ تاريخ المجزرة .. وتعيش الآن لأجل الدعاء والترحم على قتلاهم وشهداءهم فقط .
أي نفسية زاهية .. باذخة بالحب .. زاهرة بالوفاء وذكر الجميل يملكها الشعب البوسني .
إنه فعلا شعب يستحق الحياة … و البقاء .. والإستمرار .
حرب البوسنة والهرسك كانت حرب تطهير عرقي من الدرجة الأولى ..
حيث دعم الغرب الأوربي وأمريكا الحاقدة الجيش الصربي ليقوم بعملية تطهير عرقي للعرق الأوربي المسلم ..
قتلوا الآف الأبرياء ..
اغتصبوا الأطفال والنساء .. ذبحوا
الشباب والشيوخ .. أحرقوا الأخضر واليابس .
كانت مجزرة يندى لها الجبين ضد شعب أعزل .. مسالم ..
وكانت الشعوب الأوروبية تشاهد المجزرة على الهواء مباشرة في منازلهم على شاشات تلفزتهم .. يتناولون الكعك اللذيذ ويحتسون الشاي الساخن .. ويضحكون .
شعوب ميتة القلب .. مجردة من الضمير .. معدومة الإحساس ..
معبأة بالكراهيات ضد الإسلام والمسلمين .
كانت أوروبا وأمريكا تتفرج على المجزرة معتقدة بأن مجرمهم السفاح (كرازديتش) سيقتلع الإسلام من أوروبا .. وسيجتث ( لا إله إلا الله ) من القارة الأوروبية .. ويشفي غليلهم .
ولكنهم حمقى .. لا يفهمون التاريخ .. ولا يدركون طبيعة العقيدة وروح الدين الإسلامي ..
لقد نسوا هولاء السفهاء بأن كل قطرة تسقط من دماء الشهداء كانت جنينا يسقط على الأرض وينمو في رحمها ..
كانت قطرات الدماء بذور تحتضنها أرض البوسنة الطاهرة .. لتخرجها بعد حين نور .. وحق .. وعدالة.. وضياء .. وتكبير .
كل قطرة دم سفكت في أرض البوسنة كانت تنمو .. تتسامق .. و تتعالى في السماء كمسلة عظيمة تطعن قلوب الحاقدين .
كانت ترتفع كرمح حاد .. سام ينغرس في صدور الطغاة .. والكفرة .. والملحدين .
رحمك الله يا “علي عزت بيجوفيتش” .. حين قلت لهم : ( مهما حاول الغرب الظالم اجتثاث الإسلام من أرض البوسنة .. سينبت الإسلام من جديد .. وسيرتفع شامخا في هذه الأرض رغم أنوفهم )
صدقت أيها المجاهد العظيم .. ها هي مآذن الإسلام ترتفع شامخة .. صادحة في قلب أوربا ب ” الله أكبر ..”
لتزلزل قلوب الملحدين .. وتجتث كفر الكافرين من جذورهم .
” يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ “.. صدق الله العظيم .
عبدالله الفارسي