ها أنت ترتع في جناننا العابرة و القلب يصلي في الفردوس .
ها أنت تسكب ثرى قدميك في تفاصيل الجنائن والعقل يحلق في أفق لا كالأفق .
ها أنت تمر على أنهارنا ويداك تتحسس الكوثر ، وتتابع القصور المنيفة في دربك فتتنفس عبق الغرفة ، وتتأنق الأبواب بخشب الصندل وبذخ الساج ويداك تقرع حلق الريان .
ترتقي منابر النور في مساجدنا ببردة النبي ، وعمامة علي ، ودشداشة أبي الشعثاء ، وأردية الأئمة الأربعة .
وتؤم المصلين في مسجد الشواذنة المعطر بأولي العزم من أئمة عمان ، وتقدم درسا في جامع آل البيت بصلالة بحضور الحبيب الجفري ، وتحضر الاحتفال بمولد النبي في مسجد الرسول الأعظم بسوراللواتيا .
تجمعك في الرياض جلسة علمية فيكون موقعك على يمين بن باز ، وتضمك في الدوحة منصة حوار مع القرضاوي ، وترتدي في جبل نفوسة عباءة الباروني وجلباب عمر المختار ، وتجهش بالبكاء بحضور أبي مشعل في تأبين شهداء غزة ، رغم أن أبا مشعل وهو الفلسطيني لم يبك كما بكيت ، ولم يدس يده في جيبه ليخرج المنديل ويكفكف الدموع ، وتجلس في طهران بين أناس يعتمون بالسواد ، ولا يرون رأيك في أمهات المؤمنين والشيخين .
وخالفت أسلافك من العمانيين في عدم الجلوس بين الخطبتين فجلست ترجيحا لإجماع الأمة ، وجلس بعدك كل الخطباء في مسقط ونزوى وصحار وسمائل وصور وصلالة .
وقرأت التاريخين الأموي والعباسي بغيرة دينية ، فرأيتهما ملكا عضوضا واستبدادا وطغيانا ، بينما قرأناهما بنخوة عربية وشنشنة أخزمية فاستشعرنا ذات الصواري ، والمنبر الأموي ، ومناجاة الرشيد للغيم ، والفتح الممتد من سمرقند وبخارى وطوس وجرجان، مرورا ب ( سر من رأى) والقسطنطينية وانتهاء بغرناطة واشبيلية وسفوح البرانس .
وكل الذين أحبوك في الله يستشعرون بقلوبهم مقعدك في الجنة ، وكل الذين اختلفوا معك يغارون من سبقك لورود الحوض .
فيا أيها الآتي إلى زماننا أنت لست من زماننا .
حمود بن سالم السيابي