تفاعلت وسائل التواصل الاجتماعي بقوة مع قرار جهاز الاستثمار العماني تعيين 79 شخصًا رؤساء وأعضاء في مجالس إدارات 15 شركة يُشرف عليها الجهاز، وتمَّ نشر القرار مرفقا مع صور الأعضاء الجدد، بمن فيهم رؤساء مجالس الإدارة في هذه الشركات الحكومية، ويأتي هذا القرار بالتشكيل الجديد بعد مرور أقل من أسبوع على استلام أصحاب المعالي الوزراء وأصحاب السعادة الوكلاء رسالة شكر على الفترة التي قضوها في ترؤس وعضوية مجالس إدارة الشركات الحكومية.
فقد قضتْ الأوامر السامية بأنه لا يحق للوزراء والوكلاء، ومن في حكمهم، ترؤس أو عضوية مجالس إدارة الشركات التي تُسهم فيها الحكومة؛ الأمر الذي سيفتح الباب أمام ضخ دماء جديدة لقيادة قاطرة مجالس هذه الإدارات من الكفاءات العمانية الأخرى، وكذلك سيعطي الوقت الكافي لتفرغ أصحاب المعالي والسعادة لأعمالهم الأصلية في وزاراتهم، وكان حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- قد أشار في خطابه التاريخي إلى أهمية إعادة النظر في الشركات الحكومية، وإعادة هيكلة الجهاز الحكومي، ومحاسبة ومساءلة المقصرين. ويبدو واضحا جليا أن الخطة التي رسمها جلالته -حفظه الله ورعاه- كخارطة طريق تطبق حسب الوقت والزمن دون تأخير أو تأجيل.
القرار الذي صَدر من قِبَل جهاز الاستثمار العماني حَظِي بردود فعل وترحيب واسعة في شبكات التواصل الاجتماعي. ورغم أن الأسماء التي أعلن عنها لم تكن معروفة وتحفَّظ عليها البعض لقلة خبراتها، وبعضها يُكشف عنها لأول مرة، إلا أنَّ السواد الأعظم من الجمهور تقبل بصدر رحب هذا التغيير؛ كونه إيجابيا، وسوف يتم التخلص من الهيمنة المطلقة التي لازمت الشركات الحكومية على مدار أكثر من عقدين من الزمان من قبل الأسماء التي أطلق عليها “المسؤول السوبر مان”؛ حيث كان “المسؤول السوبر” يترأس مجالس إدارات عشر شركات وعضوا في أكثر من عشر شركات، إضافة لوظيفته كوزير أو وكيل وزارة!!
الأوامر الواضحة من قبل صاحب الجلالة -حفظه الله ورعاه- أصبحت نافذة، وليس هناك مجال للتراجع أو المجاملات؛ فكان لزاما على جهاز الاستثمار العماني تنفيذ الأوامر السامية بسد الفراغ أمام الأسماء المستقيلة بأسماء بديلة جديدة لتواصل المشوار في إدارة الشركات الحكومية؛ فقد اشتعلت شبكات التواصل الاجتماعي بالحديث عن تلكم الأسماء الجديدة؛ حيث إن أغلبها كما ذكرت لم تكن معروفة، وربما تم اختيارها من قبل جهاز الاستثمار العماني وفق معايير محددة.
وشخصيًّا كنت أتمنى -وذكرت ذلك في تغريدات ومداخلات- إتاحة المنافسة لهذه المناصب؛ بحيث يتم الاختيار وفق قُدرة الشخص للترشح لوظيفة رئيس مجلس إدارة أو عضو مجلس إدارة، ويُسمح بالتنافس لهذه المناصب وفق اختبارات مستقلة؛ بحيث يتم التعيين وفق الكفاءة الإدارية، وقد تكون هذه الطريقة المستعجلة مؤقتة؛ بسبب الظروف الراهنة، وقد تتغير مستقبلا وهذا ما ننشده.
على العموم، هناك ارتياح من قبل الجمهور للطريقة التي تمت، ولا يمكن تبديلها أو تغييرها حاليا؛ فالدور الآن على الأعضاء الجدد، ومن حظوا بالثقة من قبل جهاز الاستثمار العماني بتحمُّل المسؤولية ويُنتظر منهم التغيير، ويراهن على نجاحهم وخوض المنافسة، وأيضا في نفس الوقت لا بد لهم من تحمُّل المسؤولية والعمل على إثبات الذات، وأن تكون النتائج المحققة تُثلج الصدر، وهذا هو الرِّهان الذي نضعه أمامهم لقيادة القاطرة خلال المرحلة المقبلة.
أعتقد أنه حتى يتحقق النجاح المنشود، فلا بد من منح الأعضاء الجدد الصلاحيات التامة لكي يحققوا النجاح في المهام الموكلة لهم، كما يجب أيضا محاسبتهم على أي تقصير أو تهاون في أداء العمل، ولا بد أيضا أن تكون رؤيتهم واضحة والهدف المرسوم لهم واضح، فلا يجب أن تكون هناك مجاملات؛ فالعمل لا بد أن يكون مبنيا على معايير مهنية؛ فمن ينجح في إدارة الشركة يحق له الاستمرار وتقديم الشكر والثناء له، ومن يخفق يحاسب هو وكافة الأعضاء ويطلب منهم ترك إدارة الشركة واختيار من هم أكفأ.
إن المرحلة المقبلة مهمة جًدا ولا بد أن نرى تطبيق مبادئ الحوكمة من قبل كافة رؤساء مجالس الإدارات الجدد وكافة الأعضاء، ونتطلع لأن يكون الاختيار موفقًا من قبل جهاز الاستثمار العماني، كما نتطلع أن نرى الحماس والمثابرة والجد والاجتهاد والإخلاص ليكون شعار المرحلة المقبلة مع دعواتنا للجميع بالتوفيق والنجاح نحو إثبات أن مرحلة العمل بفكر “السوبرمان” قد ولى، وجاءت الآن مرحلة العمل بفكر القيادة التنويرية.
فهل سنصفق للقيادات الجديدة أم سنتباكى على القيادات السابقة؟ الأيام ستكشف لنا الحقيقة!
حمود الطوقي