إلى سعيد جداد (أبو عماد).. تحيَّة عُمانية خالصة (خبور)
استمعتُ إلى رسالتك التي أتمنَّى أن تكون صادقة، بعد أن أعلنت تلقِّيك العفو السامي من لدن حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- والعودة إلى أحضان الوطن؛ فكما ذكرت في رسالتك أنَّ الوطن سيبقى الأب الحنون والأم الرؤوم. فعُمان هكذا دائمًا منذ أن خلقت البشرية، وهي تفتح ذراعيها للجميع، فهي (عُمان) أرض يحبها الجميع، ويكفينا مدح سيد البشرية محمد بن عبدالله -صلى الله عليه وسلم- عندما قال: “لو أن أهل عُمان أتيت، ما سبوك ولا ضربوك”.
ولا داعي لأن أذكِّرك بهذا الحديث الشريف، فأنت أعلم مني بفضائل أهل عمان ومكانتهم على مدار التاريخ.
أخي سعيد جداد…،
لم أكن يوما أتوقع أن أخاطبك أو أكتب إليك، أو حتى أنعتك بكلمة (أخي)؛ لأني لا أعرفك ولا تعرفني، لكننا تجمعنا في حضن عًمان، كُنت أتصدى دائما لأية مقاطع دنيئة تبعثها وتحمل سمومًا وتدعو للفرفة والطائفية وزرع الفتنة ببن أبناء عُمان، وكنت أعلم أنَّ أبناء عمان كانوا يسخرون من مقاطعك ورسائلك، ومن أية أفكار هدَّامة تدعو إلى الشقاق؛ فقد تربوا على نهج قويم وفكر أصيل أبًّا عن جد، وقد رسَّخ هذا الفكر مُؤسِّس النهضة العمانية السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور -طيَّب الله ثراه- وها هو سُلطان عمان المعظم هيثم بن طارق -حفظه الله ورعاه- يُكمل نهج سلفه وأجداده في ترسيخ قيم المحبة والإنسانية.
أخي سعيد جداد…،
لا أدري كيف كانت حياتك في الغربة، ولكني أعلم أنه لا توجد بقعة تساوي شبرا من أرض عمان؛ فعمان لم تسئ لأحد، والتاريخ بمختلف أزمنته يشهد بمكانة عمان وأهلها، وأن أرضها طيبة لا تقبل إلا طيبا. وأذكِّرك بهذه المقولة السامية لوالدنا الراحل قابوس -طيب الله ثراه- عندما قال مُخَاطِبا شعبه الوفي والكريم، ومنبها بالابتعاد عن الطائفية قائلا: “إنَّ التطرف مهما كانت مسمياته، والتعصب مهما كانت أشكاله، والتحزب مهما كانت دوافعه ومنطلقاته، نباتات كريهة سامة ترفضها التربة العمانية الطيبة التي لا تنبت إلا طيبا، ولا تقبل أبدا أن تلقى فيها بذور الفرقة والشقاق”.
فنحن في عُمان ننعم بالرخاء والطمأنينة؛ لأننا ارتضينا أن نمضي خلف قائدنا جلالة السلطان، وما زلنا على العهد خلف من اختاره جلالة السلطان وتوسَّم فيه خيرا، إنَّه السلطان هيثم بن طارق المفدى -حفظه الله ورعاه.
أخي سعيد جداد…،
عُمان لم تكن يومًا ضد أحد؛ فقد مدت يدها للجميع، وأرست مبادئ العدالة، وعرفت سياستها بالاعتدال، فكيف تكون هذه السياسة العادلة تلقى احترام شعوب العالم وأنتم كنتم ترون غير ذلك، مع العلم أن ما تطالبون به من حرية رأي وفكر لن تجدوه إلا في عُمان؛ فقد دعا لذلك السلطان الراحل مطالبا بعدم مصادرة الفكر، فأصبح الشعب العماني ينعم بالاستقرار والرخاء؛ لأنه علم ما يسعده وما يعزز مكانته كمواطن.
أخي سعيد جداد…،
ها هو صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم يصدر تعليماته السامية بالعفو عنك، وكل من وصف نفسه بأنه معارض، وها هي أسركم وجماعاتكم يُشاركهم الفرح أبناء عُمان الكرام بعودة طيورها المهاجرة لتنعم في عشها الآمن والهادئ وتصفح عنهم؛ فالعفو أسمى آيات القيم الإنسانية، فقد عفا السلطان المؤسس عن معارضيه في بداية النهضة، وقال عبارته الخالدة: “عفا الله عما سلف”. وها هو سلطاننا هيثم المعظم ينهل من فكر ونهج والدنا الراحل، ويصفح ويعفو؛ فالعفو عند المقدرة.
أخي سعيد جداد…،
أنت تعلم أن عُمان لم ولن تسيء لأحد، وتعلم يقينا أن من يحمل العداوة والبغضاء لعمان وأبناء عمان تفرش لهم أياديها البيضاء؛ لأنها لا ترضى أن ترى أحدا في كوكب هذا الأرض يحمل الضغينة لعمان؛ فأنت تعلم بهذا الفكر المستنير لتكون عُمان بلد الأمن والسلام والرخاء والاستقرار؛ لهذا كنت تعتز بعمانيتك وتعلم أنك لا يمكنك أن تساوم بعُمان مهما كانت الإغراءات، كلنا سنرحل مهما اختلفنا، وستبقى عمان خالدة إلى الأبد، نحبها وتحبنا، ونرتمي في حضنها الدافئ عندما تطالنا سهام البغضاء.
أخي سعيد جداد…،
ها أنت قرَّرت العودة إلى عمان الأصالة، بعد حياة البؤس والإهانة التي عشتها في الغربة، وتأكدت أن سلطاننا المعظم قد أصدر في حقكم العفو، وقلت في رسالتك إن جلالة السلطان هيثم استلهم هذا النهج من السيرة العطرة لآبائه وأجداده العظام، ومن قيم العدل والتسامح والوحدة الوطنية التي أرسى دعائمها رمز عمان الخالد السلطان قابوس بن سعيد -طيَّب الله ثراه- وأكدت في رسالتك أنك ستكون على العهد والولاء والسمع والطاعة في اليسر والعسر والمنشط والمكره، وقلت معترفا بأنَّ الوطن يبقى دائما هو الأب الرحوم والأم الرؤوم يضم أبناءه إلى حضنه بفضائله، فأتمنى كمواطن عُماني وكأخ لك أن تكون رسالتك صادقة ونابعة من مشاعر صادقة، فلن تجد ملاذا آمنا غير عُمان، فأرجو أن تطوي صفحات الكراهية وتبدلها بصفحات ناصعة البياض بحب عمان وسلطانها، ولن تجد إلا كل ترحيب ومحبة من قبل إخوانك وأهلك من ظفار إلى مسندم.
أخي سعيد جداد…،
وجهتنا جميعا هي عُمان، نفديها بالغالي والنفيس، فأرجو أن تتوجه في عهدك الجديد بحياة صادقة، وتلغي كل ما يذكرك بحياة الغربة البائسة، وتلغي تلك المواقع في شبكات التواصل التي كنت تعتبرها منبرا ونافذة لبث رسائلك الهدامة، فبعد أن عزمت العودة عليك أن تلغي “القناة الظفارية” والحسابات التي لا تسمن ولا تغني من جوع، وابدأ حياة جديدة كما تمنَّى ذلك آباؤك وأجدادك الكرام.
أتمنى لك عودة حميدة وحياة مستقرة.. فكلنا عُمانيون وكفى!
حمود بن علي الطوقي