سعدت بالمشاركة في الاستبانة الالكترونية التي أعدتها وزارة التربية والتعليم ببلادنا الغالية سلطنة عمان في سابقة تحسب للوزارة، حيث أنه للمرة الأولى يتم فيها استطلاع رأي المجتمع حول آلية عودة التعليم وسط جائحة كورونا الضارة النافعة التي لولاها لسارت الأمور على ما كانت عليه من تردي في المسيرة التعليمية.
وبالرغم أن الاستبانة جاءت متأخرة جداً، حيث لم يتبقى سوى ثلاثة أيام لتحديد هذا المصير المحتوم والإعلان عنه في اجتماع اللجنة العليا المكلفة ببحث آلية التعامل مع التطورات الناتجة عن انتشار فيروس كورونا في اجتماعها هذا الأسبوع، وكان ينبغي أن تطرح هذه الاستبانة منذ بداية الجائحة وتعليق الدراسة على الفور..
بداية فإنني ومن خلال هذه الأسطر المتواضعة أناشد المعنيين في هذا الشأن عدم الاستعجال في البت في الآلية التي سترسم معالم عودة الدراسة ريثما يتم استقراء وتحليل الآراء والمقترحات التي تضمنتها الاستبانة، بالإضافة إلى المقالات ووجهات النظر المختلفة التي تناولها الكثير من الكتاب والمحللين، ولا يزال المجال خصباً للمزيد من هذه الأطروحات، مع التأكيد بأن هذا القرار مصيري وبالغ الأهمية، كونه يتصل بمستقبل هذا الوطن كياناً وشعباً..
من البديهي تأخير بداية العام الدراسي الجديد عن موعده السابق بسبب تأخر التخطيط لموعده المفترض، وربما عدم وضوح الرؤية بشأن هذه الجائحة جعل المعنيون يتأخرون عن خلق هكذا حراك رسمي وشعبي لتجهيز الآلية المناسبة وتنفيذها فور تهيئة المناخ الملائم لها بدون رعونة أو تسرع..
وتأسيساً لما سبق، مضافاً إليه حالة عدم الثقة والتخوف من تفشي هذا الفيروس في صفوف الطلبة، خاصة وأنه ينشط مع اقتراب دخول فصل الشتاء الذي هو على الأبواب، فإن بدء الدراسة النظامية بشكلها المعتاد هي نوع من المغامرة التي لا تحمد عقباها، كما أننا لا نمتلك الجاهزية المتكاملة للعمل بما يسمى بالتعليم الالكتروني عن بعد.. فالأمر يحتم بلا شك ضرورة تأجيل الدراسة ولو للفصل الدراسي الأول منها..
فلعل ذلكم التأجيل يعطي الفرصة كاملة لعمل مراجعة شاملة وجذرية تصحح من خلالها العملية التعليمية المتهالكة بشقيها التربوي والتعليمي، فما أحوجنا إلى نظام تربوي مبني على القيم الإسلامية والعادات والتقاليد العمانية الأصيلة ، كما أننا في أمس الحاجة إلى تغيير المناهج والأساليب التعليمية بما يتوافق والحاجة الفعلية للحياة المعاصرة، بدون حشو ولا إرهاق وتشتيت لعقول أبنائنا الطلبة، وبدون حقيبة مدرسية تثقل كاهل أطفالنا الذين تقوست ظهورهم بسبب الوزن الزائد من الحشو الذي حملوه في سنواتهم الدراسية الأولى، وبسببه كرهوا الدراسة، وأنهوا مراحلها المرهقة والأكثرية منهم لا يحسنون شيئاً مما درسوه، وهناك الكثير الكثير من هجروها مبكرا ..
ختاماً نريد للعودة التعليمية وإن تأخرت أن تكون عودتها جاذبة وماتعة ونافعة للمتعلم في دنياه وآخرته، ومحققة لآمال وتطلعات هذا الوطن العزيز في نهضته المتجددة التي يقودها بتوفيق من الله السلطان هيثم بن طارق آل سعيد المفدى، حفظه الله وسدد خطاه، مع الدعاء للسلطان الراحل قابوس بن سعيد طيب الله ثراه بالرحمة والمغفرة، فهو القائل منذ باكورة نهضته المباركة سنعلم أبنائنا ولو تحت ظل الشجرة .
مسهريات يكتبها ناصر بن مسهر العلوي