الاستبيانُ الذي نُشِر عَبْر حِسَاب وَزَارة التربية والتعليم على منصَّات التواصل الاجتماعي، ودَعْوَتها للمجتمع بإبداء الرأي حول ماهية الدراسة في إطار مواجهة السلطنة وغيرها من دول العالم لجائحة “كورونا”، مثَّل مادةً دسمةً للجمهور لمناقشة السياسة التي تنتهجها الوزارة خاصة خلال هذه المرحلة المهمة.
ومن وجهة نظرى أنَّ الاستبيان جاء مُتأخرا وفي وقت حرج، ولكن في نفس الوقت كان ضروريًّا لفتح باب الحوار بين الوزارة والجمهور والذين يمثلهم أولياء الأمور، رغم التجاذب في الحوار الذي استمرَّ لأيام على شبكات التواصل الاجتماعي والآراء المتباينة، وقد تكون مادة دسمة للوزارة كذلك تستفيد منها وتختار ما تراه يتناسب مع توجهاتها وسياساتها. ولا نعلم حتى وقت كتابة هذا المقال أي قرار سيُتخذ من قبل الوزارة حول التعليم.
لا شكَّ أن الوزارة ومن خلال تواجدها -ممثلة بشخص معالي الدكتورة وزيرة التربية والتعليم- في عضوية اللجنة العليا المكلفة ببحث آلية التعامل مع التطورات الناتجة عن انتشار فيروس كورونا، ستتخذ القرار الذي سيخدم المصلحة العامة، وفي نفس الوقت أُجزم بأنَّ الوزارة تراقب عن كثب ما يجري في الدول الأخرى من قرارات حول جاهزيتهم لفتح المدارس، ونعتقد أنَّ الوزارة ستدرس الخيارات التي شارك فيها المواطنون والمقيمون في الاستبيان المنشور، لكن هل الوزارة لديها رؤية وقرار آخر ستفاجئ به الجمهور؟!
كُنت أتمنى من الوزارة أن تكون لديها رؤية واضحة وضوح الشمس في كبد السماء، وأن تكون لديها سيناريوهات للتعامل مع الوضع من منطلق أن ملف التعليم جوهري، ويجب أن يُناقش بمشاركة الكوادر المؤهلة من الأكاديميين والتربويين بالوزارة، كيف ستتعامل الوزارة خلال المرحلة الحالية والقادمة في ظل عدم وجود رؤية واضحة.
أُجزم بأنَّ هذا الملف شائك وصعب، ويتطلب من الوزارة بكادرها التربوي والإداري -وعددهم يصل إلى نحو 90 ألف فرد- طرح أفكار جوهرية مع تحمُّلهم المسؤولية بدلا من هذه الضبابية، حتى بات الجميع لا يعلم ماذا يدور بين أروقة الوزارة من مناقشات وحوارات حول العودة للمدارس.
أجزم كذلك بأنَّ الوزارة تعيش هذه الأيام مرحلة أشبه بما يكُون قريبًا من المثل القائل: “ما لا يدرك كله لا يترك كله”.
لهذا.. وكوني أحد أولياء الأمور، ويهمني أن لا يخسر أولادنا المزيد من الوقت من أجل العودة للمدارس، أسوق هنا هذا المقترح للوزارة، بضرورة التهيُّؤ والاستعداد الأمثل للتعامل مع الوضع. وذلك بتأجيل الفصل الأول للدراسة، على أن يبدأ العام الدراسي في شهر سبتمبر، وخلال هذه المدة تتضَّح الرؤية حول انحسار هذا الوباء، وتتجهَّز الوزارة بتهيئة البيئة التعليمية ومتطلبات الدراسة من كتب مدرسية وعودة الهيئة التدريسية من الإجازات، وتهيئة المدارس وتعقيمها، وعمل ما يلزم من خطة وإستراتيجيات تُسهم في بلورة فكرة العودة للمدارس لتكون آمنة ومُطمِئنة للطلاب وأولياء الأمور والكادر التدريسي على حدٍّ سواء.
ويُتطلَّب من الوزارة خلال هذه الفترة وضع خطة تدريبية بأعلى المواصفات للكادر التدريسي حول مدى قدرته على التعامل مع النظام الجديد للتعليم عن بُعد، وأعتقد أن الوزارة غير مُستعدة حتى الآن لذلك، وكما أشارت معالي الدكتورة وزيرة التربية والتعليم فإنَّ نظام التعليم عن بُعد مكلف، وعلى هذا الاساس يُتطلب الاستعداد للتعامل مع هذا الوضع، خاصة وأنَّ المؤشرات مُتضاربة حول فيروس كورونا، وقد يستمر لفترة أطول.
كُلنا نتمنى أن نرى أبناءنا ينتظمون على مقاعد الدراسة، ويتلقون دراستهم في أجواء هادئة ومطمئنة، مع الاستعداد النفسي للطلاب؛ حيث أصبح أطفالنا وأبناؤنا على وعي تام بخطورة هذا الفيروس، وما هو مطلوب منهم من اتباع الإجراءات الوقائية والاحترازية لتجنب الإصابة به.
على العموم، كُلنا سنقف مع أيِّ قرار سيُتخذ بشأن عودة وانتظام أبنائنا في الصفوف الدراسية، ونأمل أن ينجلي هذا الوباء، وتعود الحياة إلى عهدها السابق، وينشد أطفالنا في طابور الصباح “يا ربنا احفظ لنا جلالة السلطان”.
حمود بن علي الطوقي