يوم ما تسرق تحَيَّل..
يتفنن بعض البنوك في الربا ويتمادى للأسف… خصم مبلغ من حساب بدعوى نزوله في الشهر عن سقف معين جرم لا تأويل فيه ولا خلاف.. هو ظاهر المجاهرة بالسوء والمعصية والحرب على الله ورسوله والحرب على الناس وأكل أموالهم بالباطل! وإن الجرم ليتضاعف إذا علمنا أن هذه الفئة هي الفئة الأحوج في المجتمع لاستخدام أموالها في سد حاجتها اليومية والحياتية، ولو استطاعت لما نزل حسابها عن المائة والمائتين في الشهر.
يقوم البنك في هذه العملية غير الأخلاقية بضمان إحدى القُبحين؛ إما مائتا (٢٠٠) ريال لا تنخرم طوال الشهر في هذه الحسابات المليونية عددا وبالتالي مخزون من الملايين يملكه البنك في خزينته شهريا وبشكل دائم ملكا عمليا حقيقيا يرابي به الناس والفقراء ويقرض ويتاجر في الحلال والحرام ويستفيد السحت والظلم من ظهر الناس.
وإما خصم نصف ريال -إن تعذر القبح الأول- من كل حساب (وليس كل زبون )، وانظروا كم حساب (الملايين لا شك) مما يضمن لهم ملايين الريالات وليست ألوفا شهريا مأخوذات على الناس غصبا واحتيالا!
اغترت بعض البنوك بأسمائها التجارية وتاريخها القديم والصبغة الوطنية التي تكذبها أفعالهم اليوم… هل هو الجشع لمضاعفة فوائدهم و(بونس) مجلس إدارتهم السنوي المتخمين أصلا من جيوب الخلق؟!
ثم يقولون معتذرين هذا كان منذ الأزل ولكن لم نكن نطلع المستفيدين برسائل… هذا تماما محط المثل “عذر أقبح من ذنب”، يعني سحت وكذب في آن.. وقد يتعللون بتوقيع المسكين العقد ذي المائة مادة ومادة وصفحة وصفحة وتعقيدة وتعقيدة… حتى إذا غاب البارض والوقت والسعة وُقع المسكين.. هذا إن كان وقع أصلا..
قد يكون في معاملات البنك الأخرى الخارجة عن هذا السبيل مخرج أو رأي شرعي وعدلي ولو كان مرجوحا، مثل الاستقراض منه برضى المستقرض ودرايته ورغبته وسعيه، ولكن في هذه -حيث يهكر حسابه بشكل قانوني ويستولى على ماله دون رضاه- فلا وجه من أوجه الإباحة حتى الكراهة خلا الحرام والحرام فقط..
ربما آن أوان الانتقال من البنك “إياه” لكل من ثبت له أن بنكه يتعامل بهذا الغش إن وجد البنك البديل والطاهر من هذه السوءة، وقد جاهر الأول بالمعصية دون احتمال أي وجه ولو كان مكروها في المنطق والشرع والعدالة..وقد رأينا فوائد بعض البنوك المضاعفة التي ثبت تعاملها بهذا الاتجاه مقابل البنوك الأخرى، وقد تبين الآن مصدر من مصادره الرئيسة؛ جيوب الفقارى والمساكين وربما الطلبة والصغار والباحثين عن عمل وأصحاب الظروف عارضة وأصلية وغيرهم..
محق بركة وعصيان!
نسخة للبنك المركزي المنظم والمراقب… والذي ربما أقر هذا الاستقطاع بهذا النظام المتدوال
نسخة لحماية المستهلك إن كان لها في ذلك سبيل
نسخة إلى من يهمه الأمر وأمن المجتمع واستقراره وكرامته وهم كثر في المنظومة الحكومية
نسخة لمن تمولهم هذه البنوك من المؤسسات المختلفة احذروا.. فقد يكون دعمكم سببا للبنك أن يتحايل هذه الحيل على حسابات الأبرياء من الناس رغما عنهم.. وقد يكون ما يمدكم به هو ما أخذ غصبا دون رضى من أصحابه ولا حق.
نسخة إلى المشرعين وأصحاب القرار في مجالس إدارات هذه البنوك وفي البنك المركزي المنظم والمراقب… اتقوا الله في أنفسكم وأولادكم واتقوا الله في أموال الناس… فلا يفرق كثيرا بينكم وبين ذاك المجمع ١٠ بيسات من الحسابات خلسة من موظفيكم حتى يحاسب وتنجوا، إلا أنه فرد وأنتم مجتمع بنكي شرع لنفسه ما حرم على غيره، وأنتم وهو في الظلم والهضم سواء.. وإن كان ولا بد فلتفرضوا رسوما لخدمة الحسابات بشكل ظاهر دون تسقيف ودون ان يكون شهريا بهذا الشكل المريب، وانظروا في أوجه الحلال والعدل فهي كثيرة وتغنيكم عن هذا الطريق الحرام.
مع البراءة إلى الله مما يفعل الظالمون
عبدالحميد بن حميد الجامعي
الاثنين
٢٥ ربيع الأول ١٤٤٣ هـ
١ نوفمبر ٢٠٢١ م