المقال الطويل نسبيا للأخ اسماعيل النجار، والذي تناول فيه هذا النزاع، هو في الحقيقة مجموعة كبيرة من النقاط؛
كل نقطة تحتاج إلى بحث
مستقل، أو على الأقل، الى مقال بحد ذاته، حتى ولو كانت كل هذه الأمور مترابطة وموصولة بشكل ما بالوضع اللبناني.
ولأن الأخ اسماعيل أراد الوصول إلى أن كل الامور في لبنان بخير، فقد بنى نوع من التوافق الفرنسي مع حزب الله بموافقة أميركية ضمنية .
لا شك أن اميركا تتمنى أن يكون الحزب ضمن مركبها؛
وهي حاولت وسوف تحاول حتى قيام الساعة، كسب الحزب إلى صفها، طالما أن الحزب فرض نفسه وفرض لبنان قوة إقليمية فاعلة.
لكن السؤال يبقى،
هل هذا ممكن؟
إن إمكانية حصول هذا الأمر مشروط بأحد أمرين لا ثالث لهما:
” إما أن ينزل الوحي الإلهي على اميركا وتنام هذه الدولة الشريرة في المساء، وتصبح في اليوم التالي ناصعة البياض، قديسة القديسين وقد تخلت عن روحها الإستعمارية، وعن جوهرها الإستيطاني، وعن نزعتها التدميرية لكل ما هو خير ومساندتها لكل ما هو شر مطلق في عالمنا وإما أن يتخلى حزب الله عن ماهية وجوده وجوهر عقيدته ويلتحق بركب العبيد التابعين للغطرسة الأميركية الصهيونية”
طبعا، سيخرج من يحدثنا في التكتيك وأهمية التكتيك الخ من خزعبلات من يفتش لنفسه عن دور تحت نعال الاميركان.
إن المنطق، والدين، وكل شرائع الله، وقوانين الطبيعة تقول أن هذا الأمر لن يحصل، ولا يمكن أن يحصل.
لقد انتهى التكتيك المصري في السبعينات إلى تخلي مصر عن فلسطين.
فهل هذا ما تحلم به الأمة؟
هل نتخلى عن كرامتنا وشرفنا وعزتنا ونتبع اقتصاد الكوكاكولا؟
كمثل، على ما نقول، يتحدث الكاتب عن الغاز في البلوك رقم ٤.
قد يكون على حق.
ربما هناك كمية تجارية من الغاز هناك؛ وربما تم تأجيل استخراجها بانتظار أن يلتحق لبنان بالمشروع المصري اليوناني الإسرائيلي.
لكن، هل يعتقد الكاتب فعلا أن الحزب سوف يقبل بهذا الإلتحاق؟
إن مجرد التفكير بهذه الإمكانية، هو خيال.
لماذا؟
” لأن هذا يعني انتحار حزب الله.
لأن السيد نصرالله ليس انور السادات وليس محمود عباس.
لأن اصغر طفل وأكبر رجل أو امرأة في هذا الحزب ينامون ويقومون الفجر على حلم عودة القدس”.
هؤلاء الناس الذين يبكون مظلمة حصلت قبل ١٤٠٠ سنة، ويقولون صبحا ومساءا أن فلسطين هي كربلاء عصرنا، لن يتخلوا هكذا، وببساطة عن جوهر وجودهم.
و””المسيح الدجال””، في المفهوم الأميركي الغرب ( -anti christ)، الذي يعمل، ومنذ مئات السنين؛ والذي سيطر على أميركا وأكثر الغرب والشرق، لن يتوب اليوم ويعيد الحقوق إلى اصحابها.
النزاع التركي الفرنسي،
هو أكيد ” لخبطة” في معسكر أعدائنا.
فمن جهة تركيا وقطر، ومن جهة ثانية فرنسا واليونان وقبرص ومصر والإمارات و…و…وأهم شيء ، وإسرائيل.
نعم، طرفي النزاع هنا، هم أعداؤنا.
هم من دمر سوريا، ويدمر اليمن، ويخرب في العراق…
هناك مثل صيني قديم يقول،
إذا تقاتل نمران، ينتصر القرد(السعدان) .
لذا وطالما هذان النمران يتقاتلان، علينا السرور،
علينا أن نأخذ مكان السعدان، وننتظر.
شيء آخر مهم، البوصلة عندنا هي دوما التالي:
إذا، وفقط إذا، أردنا أن نلعب أي دور، نرى ونسأل؛
أين تقف اسرائيل؟
فيكون موقعنا الطبيعي مع الطرف الآخر، حتى لو كان هذا الطرف الآخر الشيطان نفسه، وإن كان هذا مستحيل، لأن اسرائيل والشيطان وجهان لعملة واحدة.
في هذا النزاع على غاز المتوسط، تركيا، ورغم كل السوء الذي تسببت به والذي تختزنه؛ تركيا هذه تقطع الطريق على المشروع المصري الإسرائيلي الإماراتي الهادف لتجاوز المعضلة اللبنانية السورية.
لقد حلموا بالسيطرة على سوريا، وتاليا لبنان، لبناء خط أنابيب يمتد على الشاطىء الجنوبي والشرقي للبحر المتوسط ويصعد شمالا حتى يصل إلى أوروبا عن طريق تركيا واليونان معا.
وهذا كان أحد أهم أسباب حربهم على سوريا.
لماذا؟
” لأن، لا بشار الأسد، ولا حزب الله، وافقا على التواجد مع إسرائيل في مشروع واحد”
فشلوا في سوريا، وفشلوا في لبنان، فقرر المحور المصري اليوناني الإسرائيلي من هذه الجبهة المعادية لسوريا ولبنان، الإستغناء عن المحور القطر التركي ومد أنابيب في أعماق البحر باتجاه قبرص، ثم اليونان للوصول إلى أوروبا.
غضب الطرف التركي القطري، فقرر الدخول بقوة إلى ليبيا، وقام برسم حدود بحرية بين تركيا وليبيا، حيث أنهما دولتان مشاطئتان على البحر المتوسط.
وكان طبيعيا أن يقطع خط الحدود البحرية التركية الليبية الطريق على خط الأنابيب المصري الإسرائيلي.
لهذا نجد سرورا إيرانيا ضمنيا ومحاباة غير معلنة لتركيا.
تركيا العدوة في الشمال السوري هي حليف موضوعي في المتوسط؛ على الأقل حتى كتابة هذه السطور؛ والأمور، طبعا، بخواتيمها.
ولكن طالما هناك تناقض تركي اسرائيلي، نحن دوما ضد إسرائيل.
لذلك، ورغم كل مآسينا في لبنان، علينا النظر دوما إلى البوصلة؛وبوصلتنا هي العداء الأبدي لهذا الكيان طالما هو كيان استعماري استيطاني عنصري ديني.
ونقطة على السطر.
حليم خاتون