التشكيلُ الوزاريُّ الجديد الذي صدر وفق المرسوم السلطاني السامي رقم 111/2020، وأصبح نافذا منذ صدور المرسوم بتاريخ 18 أغسطس 2020، أعاد في الأفق الطمأنينة باستمرار المسيرة المظفرة للنهضة العُمانية الحديثة التي أرسى قواعدها والدنا الراحل جلالة السلطان قابوس بن سعيد -طيَّب الله ثراه- ويُواصل في قيادة هذه المسيرة المظفرة حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- مُتحمِّلا المسؤوليات الجسام في العبور بنهضة عُمان المتجددة إلى بر الأمان.
فمنذ اليوم الأول لتولى جلالة السلطان هيثم مقاليد الحكم في الحادي عشر من يناير 2020، وهو يعمل ليل نهار دون كلل أو ملل؛ للانتقال بعُمان وشعبها إلى عصر جديد، وفق النهج الذي رسمه جلالة السلطان الراحل -رحمه الله.
ولا شك أنَّ الاشهر السبعة الماضية كانت كفيلة ليتعرَّف المواطن على النهج الجديد بقيادة جلالة السلطان هيثم -حفظه الله ورعاه- الذي يُعيد رسم خارطة السلطنة ويقود قاطرتها باقتدار، مُستفيدا من خبراته ومن الحراك والتجاذب الذي يقف المواطن طرفا فيه لإبداء الرأي والمشورة؛ من خلال النقاش الذي يتم في المنتديات والمجموعات ومنصات التواصل الاجتماعي.
جلالة السلطان -حفظه الله ورعاه- اختار فريقه الذي سيكون عونا له بإذن الله، وما نتمناه كمواطنين أن يكون من نالوا الثقة السامية من الوزراء والوكلاء بطانة صالحة لقيادة عُمان خلال المرحلة المقبلة، وفق رؤية عُمان 2040؛ فهذه الرؤية أشرف على متابعة تفاصيلها عاهل البلاد المفدى شخصيا، وهي رؤية طموحة ستنقل عُمان -حكومة وشعبا- إلى مصاف الدول المتقدمة، ونتقدم بثقة كما هو شعار الرؤية.
المراسيم السلطانية السامية التي عيَّنت من نال الثقة السامية، وتقلدوا مناصب قيادية وحقائب وزارية، وأيضا دمجت الوزارات وألغت عددا منها، جاءت في إطار رسم السياسة الجديدة للجهاز الإداري للدولة “عمان نهضة متجددة”.
لا شك أنَّ المتابع للأحداث التي تمر بها دول المنطقة من تحديات مالية واقتصادية بسبب الانخفاض الحاد في أسعار النفط منذ العام 2014، وما تبع ذلك من تعثر في إقامة عدد من المشاريع، والتأثير الذي لحق بالبلاد مع مطلع العام 2020 بسبب تفشي جائحة كورونا، والانخفاض في إيرادات الدولة، وكذلك انتهاج البلاد سياسات جديدة لمواكبة التطورات، ومن هذه السياسات: إعادة إنشاء وزارة الاقتصاد؛ حيث جرى تعيين معالي الدكتور سعيد الصقري وزيرا لها، وهو رجل ضليع ومحلل واقتصادي محنك ومتابع لما يدور في هذا العالم ودول المنطقة من تقلبات، ولا شك أن هذه الوزارة ستعمل على وضع خطة محكمة للاستفادة من موارد البلاد الطبيعية والبشرية، والمحافظة على ما تحقق من إنجازات. ولا شك أنَّ هذه الوزارة ستعمل وفق رؤية الحكومة بالتناغم مع وزارة المالية وجهاز الاستثمار العماني وكل القنوات التي ستعزز من مكانة الاقتصاد الوطني.
وما يُعزز رؤية جلالة السلطان -حفظه الله- تمكين دماء شابة طموحة ومتحمسة للنهوض بالبلاد في وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار، للابتعاد عن البيروقراطية؛ إذ يتطلع الجميع لجهود الفريق الجديد في هذه الوزارة بقيادة معالي قيس بن محمد اليوسف، وهو رجل أعمال له صولاته وجولاته في عالم الأعمال والاستثمار. ولا شك أن هذا الفريق سيعمل على تأهيل القوانين المشجعة لجذب الاستثمارات الأجنبية ذات القيمة المضافة، وتنمية قطاع الصناعة، ودعم مشاريع ريادة الأعمال.
وهناك مرسوم آخر مهم، بل وأراه أحد أهم المراسيم، وهو إنشاء وزارة العمل وتعيين معالي الدكتور محاد باعوين وزيرا لها، وثلاث وكلاء وزارة لديهم من الخبرات والدراية الكثير، وأصبح لهذه الوزارة الجديدة مسؤوليات جسام، والمطلوب منها إعادة تنظيم قطاع سوق العمل الملطخ بتشوهَات عدة، وأجزم بأنَّ فريق هذه الوزارة الضخمة سيعمل ليل ونهار لإعادة معالجة تلك التشوهات، وتنظيم سوق العمل، وتوفير فرص جديدة للوظائف مع القطاع الخاص، ومحاربة التجارة المستترة، وتمكين الشباب العماني للعمل في مختلف القطاعات برؤية ومعالجة لقضايا الشباب العماني المسرحين واضحة المعالم.
كما أنَّ دمج التراث مع السياحة في وزارة واحدة، سيُسهم في دمج الأفكار والاستفادة من الإرث الثراثي والحضاري لهذا البلد العريق، والمقومات السياحية التي تذخر بها بلادنا من مسندم إلى ظفار، ونأمل من فريق هذه الوزارة بقيادة معالي سالم بن محمد المحروقي تحقيق رؤية عُمان، والانتقال لجعل موارد السياحة والثراث مصادر جديدة للدخل القومي؛ حيث ظلت مساهمة السياحة في الناتج القومي طوال السنوات الماضية ضئيلة جدا ولم تتجاوز 3%.
كما أن إنشاء وزارة للإسكان والتخطيط العمراني، وتعيين معالي الدكتور خلفان الشعيلي وزيرا لها، من شأنه توظيف خبراته كمهندس له باع طويل في توظيف الأراضي العمانية الشاسعة، وتنظيم السوق العقاري الذي يعاني من سوء تنظيم.
إنَّ المرحلة المقبلة ستكون حماسية، وعلى وزارة الإعلام أن تقود القاطرة من خلال توظيف الإعلام كقناة للتسويق للسلطنة، ولاشك أن معالي الدكتور عبدالله الحراصي، وما كسبه من خبرات طوال السنوات الماضية رئيسًا للهيئة العامة للإذاعة والتليفزيون، قادر على ترجمة رؤية عمان 2040 بمهنية واقتدار.
إنَّ حكومة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- تمرُّ بمرحلة انتقالية نحو “نهضة متجددة”، وعلينا نحن المواطنين أن نقف جميعا خلف قيادتنا الرشيدة بايجابية، ونبتعد عن خطاب التذمر والسوداوية، وفي نفس الوقت نُسهم في مراقبة أداء الحكومة وتوصيل أصواتنا في حال وجود أية تجاوزات، كما نأمل من جهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة عدم التهاون في مُحاسبة المقصرين ومتابعة قضايا الفساد بل واقتلاعها من جذورها؛ لأنَّ الفساد آفة تنخر في عصب الاقتصاد.
فالمرحلة المقبلة حاسمة ومصيرية، والحكومة الجديدة ستكون تحت المجهر؛ لأنَّ قائدنا المفدى وجهازه الإداري سيكون رقيبا، ونحن الإعلام والشعب يجب أن نكون عونا لحكومتنا، ليس هناك مجال للتهاون؛ فحكومة جلالة السلطان -حفظه الله- ستعمل على تقويم اعوجاج العود ومحاسبة المقصرين.
حمود بن علي الطوقي