يروى ان “يونس بن عبد الاعلى”كان أحد طلاب الأمام الشافعي..
اختلف مع أستاذه الإمام “محمد بن أدريس الشافعي”، في مسأله ذات يوم فقام “يونس”غاضباً وترك الدرس ،وذهب إلى بيته ..
فلما أقبل الليل ..سمع طرقًا على باب بيته ! فقال من باب الباب ؟قال الطارق :”محمد بن إدريس” فقال “يونس”:فتفكرت في كل من كان اسمه “محمد بن ادريس” الا “الشافعي”. قال: لما فتحت الباب .فوجئت به ! فقال “الشافعي”: يا يونس تجمعنا مئات المسائل ، وتفرقنا مسألة!!
يا ايونس : لاتحاول الانتصار في كل فاحياناً كسب القلوب أولى من كسب المواقف .
يا ايونس: لاتهدم الجسور التي بنيتها وعبرتها فربما تحتاجها للعوده مرة أخرى
إكره الخطأ ،ولكن لا تكره المخطىء، انتقد القول ، ولكن إحترم القائل، فإن مهمتنا ان نقضي على المرض وليس على المرضى
هذه نبل أخلاقهم في الاختلاف،،
مشهد فكري اجتماعي يركز على ثلاثة من انواع الأدب أدب الاختلاف وأدب الحوار وأدب النصيحة.
ان كنا نبحث عن التشابه فنحن ذلك الشكل الذي لن يجد اكتماله .
وان كنا نبحث عن الاختلاف فنحن ذلك الشكل الذي نجده في ألعاب البازل عندما نبحث عن الشكل المختلف الذي يكمل كيان الجزء من الشكل وفكرته.
تزيد اللعبة متعة وتعقيدا للكبار لتكمله تلك الاشكال المختلفة الكثيرة لنصل الى جمال اللوحة الفنية، نعم انه الاختلاف التكاملي،المتجانس في مكوناته مع الشكل الاصيل.
الاختلاف يظهر لك من يستحق وقتك ومن لايستحق فهناك من يجعلك تنحني له احتراما وقد يظهر لك مافي القلوب.
نحتاج في حياتنا الا قوه الاختلاف وليس الخلاف انه الاختلاف المتجانس ،فلست مجبرًا أن يجبرني شخص على النظر من نفس ثقب الجدار الذي يرى منه ، ومن نفس الزاوية فذلك لا يزيدني الا جموداً .
فقوة الاختلاف انا يكون لديك آراء مختلفة وتفكير متباين ليتحقق لك الفوز بأفكار جديده اصيله او حلول لمشكلات او السبر في أغوار حقائق البحث العلمي .
وإذا ان العادة المقيتة جرت على ان يخفي الصالحون والمفكرون أصواتهم
فقد طغى على السطح الصوت الواحد ذلك الشكل المشوه غير المكتمل.
وفي عالم الأعمال جرت العادة ان اخر ما يفكر فيه الشخص المتزن والعاقل ان يدخل في جدال مع زميل له في المكتب ،و هو معه كل يوم ساعات طويلة او ان يدخل في جدل واختلاف مع مديره كي لا يخسر تلك العلاقة وتلك المودة والمحاباة فتعلو على السطح أفكار لا تعدو كونها هامشية.
ان كنت تفكر بمفردك أو كنت لا تتحدث إلا مع أشخاص يوافقونك الرأي، فأغلب الظن أنك ستجمع الكثير من الأدلة التي لا تؤيد إلا رأيك، وقد يفضي ذلك إلى جمودك الفكري وفرط الثقة العمياء بذات فكرك العجيب الذي يقيد بالاغلال قدرتك على الإنتاج الفكري.
ففي الاختلاف رحمة
فاختلافاتكم في العمل فد يتيح لكم الفرصة في إعادة تقييم ما تؤمنون به من أفكار مقارنة بالتي تخالفكم.
وقد يسهم النقاش والاختلاف في تقوية حجتك لانك ستحارب الحجة بالحجة، وهذا سيعينك على البحث ويقوي حجتك عن أدله تؤيد صحة أراك في مواجهة الاختلاف مع الاخرين ولعل بحثك يعينك على تغير قناعاتك ورأيك .
ويقول الكاتب جوناثان روش: “إن التحيز والتعصب والعناد، هي بواعث تدفع المرء للخروج بأفضل الأفكار. فأنت لا تريد أن تجلس على طاولة اجتماعات مع أناس غير مقتعنين تماما بأفكارهم. بل كل ما تريده هو أن يعرضوا آراءهم على الآخرين لمناقشتها. ثم تستغل الطاقة الناتجة عن قناعاتهم وتحيزاتهم وخلافاتهم في الإثراء الفكري”.
الاختلاف يبرز الجمال وقد تظهر لك بعض المشكلات وهي معوقات للتفكير كخلل معرفي، مثل ما يعرف بالانحياز المعرفي..
الذي يميل الشخص فيه للبحث عن تقويه حجته وأرآه وليس اكتشاف الحقيقه
ان كنا متوجسين ونخاف ان نغضب من نتبادل معهم الاراء وبخاصه اولئك الذين نرتبط معهم بعلاقات طيبه فعلينا نرجع الموضوع كله للمقوله التي دائما نكررها عند الاختلاف
“بان الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية”
وحاله الانقسام المجحف اثناء الاختلاف والذي يمارسه الكثيرون في القرى والمدن وبين الافراد في الاسر والاصدقاء والمعارف والموظفين ،لتصبح قوافل ردود وقصص وتبادل قذائف لكل من خالفهم الرأي معتدين بذلك على النمط والحوار السليم ،
والاعلام الأصفر الكاذب الذي وضع أجنده خاصه لاثاره الفتن والخصام والكراهيه يجد مناخه المناسب في الاختلاف الذي يصل للخلاف فيزيد على الطين بله .. ويزد العراك الكلامي المشحون بالعداوه اللفضية، فيجعل من عبارة ان اختلاف الراي لا يفسد للود قضيه يعد اكبر خدعه نعيشها فيقطع الود ويظهر ان الاختلاف يفسد كل القضايا بالصراع وعدم تقبل راي الاغلبية بالاجماع يذبح جميع حبال الود .
قال عزوجل
(وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ) [هود:118-119]
-وقد اختلف الصحابه في خلافة الرسول صلى الله عليه وسلم؛ حيث اختلفوا فيمن تكون الخلافة: أفي المهاجرين أم في الأنصار؟ أتكون لواحد أم لأكثر؟ كما وقع الاختلاف حول الصلاحيات التي ستكون للخليفة، أهي الصلاحيات نفسها التي كانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم بصفته حاكمًا وإمامًا للمسلمين، أم تنقص عنها وتختلف؟ حتى أوشكت فتنة كبرى أن تقع، لكن الرجال الذين تربَّوا في ظلال النبوة قد حكمتُهم آدابُها في سائر الأحوال: حال الاتفاق وحال الاختلاف، وفي سائر شؤون الحياة؛ لأنهم تحلَّوْا بكل خصال الحكمة والحنكة وأدب الاختلاف، والحوار العقلاني الهادئ القائم على إثارة أنبل المشاعر-
فاعقل الناس واكثرهم خبره واتزان في اتخاذ القرار من جمع عقول الناس معه لذلك امركم شورى.
لنفهم ان اختلافنا في الرأي نتيجة طبيعية لإختلافنا في مستويات الفكر والفهم والثقافة والبيئة القادمون منها.
رقية بنت عديم الفورية