مسرحية الهبطة تم إنتاجها و عرضها في العام سبعة عشر بعد الألفين للميلاد أي قبل ثلاثة أعوام من الآن ولم يقدر لي مشاهدتها في ذلك العام ولم يقدر لي معرفة شيئاً عنها البتة ولكن يشاء القدر أن يتم الإرسال إليّ عبر الواتساب من صلالة مقطع من المسرحية مدته تتراوح مابين الخمسة عشرة إلى العشرون دقيقة وفتحت الفيديو وبدأت في المشاهدة إلى نهاية المقطع وفي أثناء المشاهدة و المتابعة تفاجأت بروعة القصة و جمالها ( السيناريو ) و الذي أدهشني بشكل أكبر الأداء الرائع لأولئك الشباب الذين أداروا أحداث تلك المسرحية بكل فصولها وأحداثها فرغم طول مدتها التي تتجاوز الساعة إلا إنها غير مملة و ذلك بسبب حركة الممثلين النشطة على خشبة المسرح و أساليبهم الفكاهية الساحرة التي تأتي بالضحكة لترسمها حبوراً وانشراحاً في قلوب أفواج الجماهير التي شاهدت الهبطة و سرعة إدارة الحوارات فيما بين الهيئة التمثيلية بالإضافة إلى خفة الظل التي قد تميز بها معظم الممثلين ويجب أن لا ننسى تنوع المشاهد فيها و الانتقال من مشهد إلى آخر بسلاسة و هذا ساعد الملتقي الذي هو الجمهور المشاهد و المتابع لأحداث المسرحية بأن يقتل حاجز الملل بمتابعة الدقيقة لها و لكل حركة و كل كلمة فيها بل كل نبرة صوت فيها قد أحدثت السرور في مشاعر الجماهير الحاضرة في العرض و لذلك أنا شخصياً لم أسمع أي توقف لقهقهات الجمهور فالكل كان متفاعلاً مع الهبطة ضحكات مدوية و هنا نحن يجب أن نتنبه إلى شيء مهم و هو صدق العمل الذي يحاكي الواقع اليومي الذي نصادفه و نشاهده في حياتنا العامة.
فهناك المحال التجارية و هناك المجمعات التجارية الكبيرة و هناك الأسواق الشعبية التي كادت أن تصبح نادرة هذه الأيام و طرق البيع و الشراء فيها و أساليب انتقاد السلعة نفسها من حيث هل لها جودة أم ليست لها جودة و هل القيمة المباعة بها الموافقة لتوعيتها أم لا؟! و حتى انتقاء اسم الهبطة لذلك العمل المسرحي له دلالاته الخاصة بالسوق الشعبي التقليدي وبالتالي حينما نعيش الجو المسرحي المرتبط بمكان من أماكن السوق الشعبي و هو مكان لبيع البخور بنوعيتها و بجودتها و بطريقة الجدال بين التاجر البائع و المشتري الذي يحاول أن ينتقي البخور ذو الجودة العالية الممتازة فهنا تنفتح شهية المشاهدة ليرى ما هي النتيجة النهائية لذلك الحوار بين البائع و المشتري و على رأي المثل الشعبي الدارج ( بين البائع و المشتري يفتح الله ).
و لكن الذي شاهدناه من خلال الحدث أنه لم يكن هناك أي توافق بين بائعة البخور و بين المشتري لماذا؟! و الجواب هو لأن المشترية تريد بخور من النوع الممتاز أو الأصلي في الجودة يتلائم مع مناسبة زواج ابنتها حلا (العروس) و البائعة التي هي صاحبة البخور لديها بخور و لكن جودته ليست بذلك المستوى الذي يتلائم مع قيمة شرائه إضافة إلى أن أم حلا تريد بخور عالي الجودة (يفحفح) يثمن بخس و لذلك لم تتفقان لا بائعة البخور قد باعت بخورها لأم حلا و لا أم حلا تمكنت من شراء بخورها من البائعة و هناك أحداث أخرى في المسرحية تتلائم مع جوها الخاص بها و لن يسعفني الوقت لذكرها!! و لكني أقول و بشكل نهائي مسرحية الهبطة جميلة بل أكثر من رائعة و هذا أن دل على شيء فإنما يدل على صدق العمل و أمانة القائمين عليه فهم حريصين على توصيله للمتلقي بصدق و أمانة و إخلاص و هذا الذي لاحظته شخصياً من خلال مشاهدتي لذلك العرض المسرحي فشكراً للمخرج الذي أخرج هذا العمل بهذه الصورة الرائعة و الطيبة و قد قيل لي. بأنه هو الكتاب للمسرحية لذا أقول لربما أيضاً هذا سر من أسرار نجاح هذا العمل لأنه في هذه الحالة سيعرف كيف يوظف إمكانيات و مواهب الممثلين في تقمص الشخصيات التي يقومون بتمثيل أدوارها في نفس الوقت.
وشكراً للممثلين الذي أبلوا بلاءً حسناً على خشبة المسرح و الذين تفننوا في إتقان أدوراهم بطريقة رائعة أيضاً ملفتة للأنظار بصدق الأمر الذي جعل مسرحية الهبطة لها القمة في النجاح و الله يوفق الجميع.
فاضل بن سالمين الهدابي