يعيش السودان الشقيق أسوأ كارثة فيضانات في تاريخه، ما دعا لإعلانه منطقة منكوبة. وقبل الخوض في مقاربة الفيضانات المحتملة على مستقبل هذا القطر العربي الشقيق، يجدر بنا المناشدة لكل العالم بدعم ومساندة السودان في محنته الحالية، ونوجه نداءنا إلى العرب خصوصا حكومات وجمعيات خيرية وشعوبا بشحذ الهمم لمساعدة الأشقاء فيما آلت إليه أوضاع البلاد، بل والمساندة في إيجاد حلول مستقبلية لاحتواء مثل هذه الفيضانات فيما لو تكررت لا سمح الله، والحلول هنا ربما بإيجاد بحيرات تستقطب مثل هذه الفيضانات كما هو الحال في بحيرة ناصر جنوب مصر، إلا أن هذا الظرف الذي يمر به السودان الشقيق يستوقفنا قليلا للتساؤل فيما لو حدثت سنوات من الفيضان، في تجاوز للقدرة الاستيعابية لسد النهضة في تخزين المياه أو تفريغ كبير للمياه في فترات الفيضانات؟ علما أن سد النهضة الإثيوبي يقع على مشارف الحدود الجنوبية للسودان، وهو ما يمثل سيناريوها خطيرا قد يتعرض له السودان في حال حدوث ذلك، في ظل عدم وجود حلول دائمة لمشكلة الفيضانات في السودان، إلا أن الأخطر والسيناريو الأكثر رعبا فيما لو حدث انهيار جزئي أو كلي للسد نتيجة أي سبب من الأسباب مستقبلا، وهذه مجرد تساؤلات مطروحة ومشروعة أيضا لا يمكن إغفالها أو استبعادها كليا نظرا لتماس السد مع الحدود السودانية وفي شمال الأراضي الإثيوبية؛ أي أن خطورته في حال حدث ذلك يمثل كارثة كبرى على السودان. وقد يقول البعض إن المقال يطرح تكهنات مستبعدة، ولكنها غير مستحيلة، وهو ما يهدد الأمن القومي للسودان ومصر معا في حال حدث ذلك الانهيار للسد الذي يتسع لقدرة استيعابية تقدر بـ٧٤ مليار متر مكعب من المياه. ومهما بلغت قوة ورصانة بناء السد فإن أي تحركات في الطبقات السفلية للأرض واردة، وعليه فنحن هنا نوجه التحذير للسودان أولا ومصر ثانيا باتخاذ كل الإجراءات الكفيلة بالحفاظ على حياة الشعوب وأمن الأوطان.
إن الفيضانات الكبرى التي يشهدها عدد من المناطق بالسودان والتي غمرت مدنا بأكملها بالمياه تدعو الحكومة في السودان إلى اتخاذ كل الإجراءات الكفيلة بتقليل حدة ومخاطر مثل هذه الفيضانات على الأمن القومي في السودان مستقبلا. وكما هو تاريخ الفيضانات التي تكررت خلال السنوات والعقود الماضية يستوجب توجيه مصادر السودان وبمساعدة من الدول العربية في إيجاد الحلول التي تقلص الخسائر في المستقبل.
حفظ الله السودان وأهله من كل مكروه والرحمة للمتوفين والشفاء للمصابين، وبعون الله سيخرج السودان من هذه المحنة بإرادته الصلبة وتكاتف أبنائه، والله خير حافظا وهو أرحم الراحمين.
خميس بن عبيد القطيطي