الغالبية العظمى من الناس لا يؤمنون بالسحر و الشعوذة؛ و يرون أن الممارسين لهذه الطقوس ما هم إلا دجالون و محتالون، لا يبتغون من وراء أفعالهم تلك إلا الضحك على عقول الناس، و اللعلب على وتر حوائجهم الملحة، و رغباتهم العسيرة في الحصول على علاج لمرض مزمن – على سبيل المثال – لأنفسكم أو لأزواجهم أو لفلذات أكبادهم أو لأقرب الناس إليهم فيوحون للمريض وذويه أن به مس من السحر أو إصابة الحسد أو نحو من ذلك وأن بقدورهم تقديم العلاج الشافي مقابل التكسب من ورائهم بأي شكل من الأشكال.
وحرمانها من الأمومة، فضلاً عما تشعربه ألم وهم وحزن، سواء عندما تتعرض لنظرات العطف أحيانا، أو الازدراء أحيان أخرى؛ لكونها غير على الإنجاب. فظهر أمامها وزوجها المتهم متخفيا تحت غطاء الدين ولباس التقوى، مدعيا قدرته على علاجها من التأخر في الحمل، فأقنع زوجها بأنه قادر على ذلك بواسطة الرقية الشرعية، مستغلاً جهل الرجل وزوجته، و رغبتها الملحة في إنجاب طفل يملأ حياتهما سعادة وفرحاً، فما كان من المجني عليها إلا أن ذهبت إلى منزل المتهم بمعية زوجها وشقيقتها، وادعى بأنه لن يلمسها مطلقها بل إن (الجنية) هي من ستسمح عليها، وطلب من زوجها الانتظار خارجاً، فيما ظلت أختها برفقتها، فغطى رأسه، وأخذ يتحدث بصوت نسائي، وأخذ يمسحها بيده من الصرة إلى الصدر فالظهر؛ حتى وضع يده على مواطن عفتها، فما كان منها إلا أن منعته، و أخبرت زوجها بفعلته فأشتكيا عليه أمام الشرطة.
بضبط المتهم و سؤاله – استدلالاً – أنكر تعرضه للمجني عليها كما اعتصم بإنكار الاتهام الموجه إليه جملة وتفصيلاً عند استجوابه أمام الادعاء العام.
أحيل المتهم إلى المحكمة الابتدائية بجنحة (التعرض لأنثى على وجه يخدش حياءها) المؤتمة بالمادة (٢٦٦/أ) من قانون الجزاء التي تنص على أنه “يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن عشرة أيام ولا تزيد على ثلاثة أشهر وبغرامة لا تقل عن مائة ريال ولا تزيد على ثلاثمائة ريال عماني، أو بإحدى هاتين العقوبتين كل ذكر :أ- تعرض لأنثى على وجه يخدش حياءها بالقول أو الفعل”؛ وقضت المحكمة الابتدائية ببراءته مما نسب إليه من اتهام، وذلك على سند من القول ان المجني عليها توجهت بإرادتها الحرة إلى المتهم، ويعلم زوجها كذلك وهي واعية ومتعلمة وموظفة، ولا يمكن أن تنطلي عليها الحيلة التي ذكرها المتهم، كما أن جلوسها بمعيته في مكان مغلق والسماح له يلمس بطنها لا يتحقق معه فعل التعرض.
استأنف الأدعاء العام الحكم الابتدائي، واستند في استئنافه على أن ما قام به المتهم من لمس مواطن عفه المجني عليها ثابت بشهادة المشاهدة التي أكدت ان المجني عليها قاومته، وحاولت الافلات من قبضته : إلا أنه كان الأقوى و المسيطر وأن ما قام به من فعل ما هو إلا لجس النبض، فإن استجابت لوصل الأمر إلى ارتكابه الفاحشة.
وقضت محكمة الاستئناف بعد نظر القضية في عدة جلسات ب “قبول الاستئناف شكلاً. وفي الموضوع وبإجماع الآراء؛ بإلغاء الحكم المستأنف ضده بالجنحة المساندة إليه ومعاقبته عنها بالسجن مدة ثلاثة أشهر والغرامة مائتي ريال.. إلخ”
مجلة المجتمع و القانون