شهدت بلادنا خلال العام الجاري نقلة نوعية فيما يتعلَّق بالجهاز الإداري للدولة، وتابع الجميع صدور المراسيم السلطانية الواحد تلو الآخر، فضلاً عن الأوامر والتوجيهات السلطانية السامية لإعادة هيكلة المؤسسات ومنظومة العمل بأكملها، وهذا محل إشادة ليس فقط من جموع المواطنين المرحبين بهكذا خطوات، ولكن أيضاً من المُراقبين في مختلف دول العالم.
ومن بين المستجدات التي تضمنتها عملية إعادة الهيكلة، كان إعادة تسمية وزارة التجارة والصناعة لتكون وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار، وقد نجحت هذه الوزارة على مدى عقود في دعم حركة التجارة والاستثمارات الاقتصادية، والآن على عاتقها مسؤولية إضافية وهي الترويج للاستثمار، وهذا أمر يتطلب الكثير من الجهود والإجراءات التي من شأنها أن تُحقق النتائج المرجوة وتُلبي التطلعات الملقاة على عاتق هذه الوزارة.
قبل سنوات أطلقت الوزارة نظام “استثمر بسهولة” وعولنا عليه خيراً ليكون نقلة نوعية في مستوى الخدمات المقدمة للمستثمرين، وأن يُذلل الصعوبات ويساعد على تجاوز التحديات والعراقيل الإدارية والبيروقراطية، والعمل بجد من أجل تسهيل الأعمال وتحفيز رواد الأعمال والمستثمرين على العمل وضخ رؤوس الأموال، ومن ثم دعم حركة الاستثمارات بشقيها الوطني والأجنبي. فتحفيز القطاع الخاص على العمل والإنتاجية سيعود بالنفع على جميع الأطراف؛ الحكومة، والمستثمرين، والمواطن، فالحكومة ستجد من الإيرادات الضريبية ما يُساعدها على تنويع مداخيلها، والمستثمر سيحقق الأرباح التي يأملها، كما إن المواطن سيجد فرصة العمل التي يطمح إليها، ومن هنا تدور العجلة الاقتصادية وتتحرك مسيرة التنمية إلى مزيد من التَّقدم والازدهار.
ولذلك نطرح سؤال: أين المحطة الاستثمارية الواحدة؟ ندرك حقاً أن نظام استثمر بسهولة، يسر الكثير من الإجراءات، لكنها تظل إجراءات بيروقراطية، حيث سيظل المستثمر أو صاحب العمل يجوب الوزارات والهيئات والبلديات وغيرها من أجل استكمال تصاريح مزاولة النشاط الاقتصادي الذي يعتزم البدء فيه. فضلاً عن أنَّ بعض الإجراءات تمضي وفق قاعدة “وضع الحصان أمام العربة” بدلاً من “وضع العربة أمام الحصان”، فلماذا تتطلب مسألة فتح نشاط تجاري أن يقدم المستثمر عقد إيجار لموقع هذا النشاط؟ من سيعوضه حال تأخر الإجراءات لشهور أو سنوات في بعض الأحيان؟ كيف يمكن إلزامه بدفع إيجار لموقع لم يبدأ فيه النشاط بعد؟ ألا يعد ذلك ضغطاً عنيفاً على المستثمر وفق شروط لم تعد مطلوبة في دول أخرى؟ ولذا نجد الكثير من المستثمرين وأصحاب رؤوس الأموال ينتقلون إلى دول أخرى ويؤسسون مشاريعهم بكل سهولة وأريحية.
ومن هنا نُطالب معالي وزير التجارة والصناعة وترويج الاستثمار، بإجراء دراسة شاملة لنظام “استثمر بسهولة”، خاصة وأنَّ معاليه رجل اقتصادي بارع، ويملك من الخبرات في القطاع الخاص ما تعينه على إنجاز تطلعات وطموحات كل مُستثمر. وهذه الدراسة تستلزم أولاً تطوير كافة عناصر النظام الإلكتروني من موظفين ومكاتب سند للخدمات، والشركة المطورة للنظام نفسه. والأمر الثاني أن تعكف الوزارة على تعزيز الشراكة مع هيئة تنمية المُؤسسات الصغيرة والمتوسطة من أجل تحقيق التكامل معها وتقوية التنسيق المشترك، لكي نضمن بلوغ الآمال المنشودة مع مواصلة مسيرة التقدم والنماء.
علي بن بدر البوسعيدي