رغم ما تزخر به بلادنا من مقومات سياحية كثيرة في كل ربوعها، من خلجان بديعة، وطبيعة جبلية ساحرة، ومياه فيروزية تأسر الألباب وبساط أخضر يمتد مد البصر في ظفار خلال موسم الخريف، وجبل أخضر يعانق فيه الزوار هامات السماء وسط السحب الرائعة وفي درجات حرارة منخفضة، وغيرها الكثير من المقومات النوعية الفريدة، لكن ما زال إسهام القطاع السياحي في الناتج المحلي الإجمالي وفي توفير الوظائف لأبنائنا من الشباب، دون مستوى الطموحات.
وللأسف الواقع يشير إلى أن معظم- وربما كل- المشروعات السياحية القائمة ليست سوى مبادرات فردية لا تعبر عن استراتيجية سياحية متكاملة، فالمنتجعات السياحية أو حتى النزل التراثية أو المشروعات السياحية الأخرى، كلها مبادرات لا تشير إلى رؤية شاملة تنهض بالقطاع السياحي، وتجعل منه قطاعًا مستدامًا يساعد في توفير الموارد المالية لخزينة الدولة ولا في توظيف الشباب ولا في جذب الاستثمارات الأجنبية. نعم لا ننكر أن الجهات المعنية تسعى لتنفيذ رؤية استراتيجية، لكن من المؤسف أنها لم تحقق أية نتائج حتى الآن، رغم أن الاهتمام بهذا القطاع بدأ قبل عقدين من الزمان على الأقل، والمحصلة لا شيء!
التحدي الأكبر الذي يواجهنا يتمثل في غياب الإرادة الحقيقية لتنفيذ مشروعات واعدة تلبي التطلعات وتتماشى مع الرؤية المستقبلية لوطننا العزيز “عمان 2040″، وكذلك فقدان التحفيز المطلوب للمؤسسات العاملة في القطاع، فما من مستثمر يود التوجه نحو ضخ أمواله في مشروع سياحي، حتى يُفاجئ بإجراءات بيروقراطية لا تنتهي، وتتشعب من جهة لأخرى، ومن هيئة إلى وزارة، ومن وزارة إلى مؤسسة، ومن مؤسسة إلى ثانية، وهكذا دواليك.
إن المطلوب الآن من الجميع، حكومة وقطاع خاص، أن يتم تكثيف الجهود وبناء إرادة صلبة تعمل على توظيف كافة المقومات من أجل بناء قطاع سياحي قوي ومستدام يخدم الأهداف الوطنية المنشودة.
علي بن بدر البوسعيدي