انتهت حتى الآن سبع جولات من المفاوضات النووية، وذلك في رغبة دولية للعودة إلى الاتفاق النووي المبرم عام ٢٠١٥م بين إيران ومجموعة (٥+١). لكن لا يبدو هناك أي تقدم في المفاوضات بعد هذه الجولة، ويزمع بدء جولة مفاوضات جديدة الأسبوع المقبل لمحاولة إحداث خرق في حالة التعقيد التي حدثت في هذه الجولة. وكانت إيران قدمت مسودتين تتضمنان إنهاء العقوبات بالكامل، وطالبت بضمانات أميركية للالتزام بهذا الاتفاق في المستقبل، إلا أن الولايات المتحدة تتمسك بعدم رفع العقوبات كليا، واعتماد سياسة الخطوة خطوة في رفع العقوبات، مما أحدث انسدادا في أفق المفاوضات.
هناك لاعبون آخرون شركاء في المفاوضات النووية يتبنى أكثرهم وجهة النظر الأميركية، بينما يبدو الموقف الروسي أكثر مرونة من خلال تفهم طلب إيران لضمانات حول الاتفاق وتجدها مبررة بسبب انسحاب الإدارة الأميركية في عهد ترامب من الاتفاق النووي عام ٢٠١٨م، كما تدرك روسيا وجود إشكالية في مسألة رفع العقوبات كليا، لذا لا يبدو هناك ما يدعو للتفاؤل وانفراج باجتماعات الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
التجاذبات الإعلامية وحرب التصريحات أخذت مجراها منذ نهاية الأسبوع الماضي، وخصوصا بين مسؤولي الإدارة الأميركية وشركائهم الأوروبيين من ناحية وإيران من ناحية أخرى، كما تبرز تصريحات أقطاب الحكومة الإسرائيلية التي لم تهدأ منذ تجدد المفاوضات النووية، وهناك زيارة مرتقبة لوزير الدفاع الإسرائيلي جانتس إلى واشنطن في الأيام المقبلة تأتي بعد زيارة رئيس الموساد، وكلاهما يحمل رسالة واحدة، مفادها مواجهة التهديد النووي الإيراني. وكان رئيس وزراء كيان الاحتلال الصهيوني بينيت قد صرح في أكثر من مناسبة داعيا إلى مواجهة ما سمَّاه التهديد النووي الإيراني محاولا دفع القوى العظمى لتجاوز الخيار الدبلوماسي أو وقف المفاوضات النووية، وعدم العودة إلى الاتفاق النووي، لكن الولايات المتحدة وجهت حليفها الإسرائيلي بعدم عرقلة المفاوضات من خلال تحركات غير محسوبة بهدف ترك المفاوضات تأخذ مجراها دون عراقيل. فهل تؤكد واشنطن ـ في زيارة جانتس ـ ما أكدته سابقا بعدم التأثير على المفاوضات عمل غير محسوب قد يخلط الأوراق سلبيا في المنطقة؟ أم أن للولايات المتحدة رأيا آخر؟
كل هذه التفاصيل قد تتضح من خلال الجولة الثامنة للمفاوضات النووية المزمعة في الأسبوع المقبل، إضافة إلى ما قد تكشفه الأيام القادمة من مواقف تبين مسار المفاوضات ومدى جدية مختلف الأطراف؛ لذا يصعب التكهن بأي نتائج حول المفاوضات النووية، ولكن يبقى الأهم وهو الحفاظ على السلم والأمن الدوليين في منطقة الخليج.
خميس بن عبيد القطيطي