حين تم إغلاق المساجد، ومنع الصلوات فيها بسبب كورونا، ضجَّ الناس بالشكوى، والتذمر، وعلت أصوات المطالبات بفتح المساجد، وحين أعيد افتتاحها جزئيًا طالب الناس بإنهاء الإغلاق وعودة الأمور إلى نصابها، وحين أُعلن عن إعادة الافتتاح بشكل شبه كلي- مع الأخذ بالإجراءات الاحترازية والتباعد الجسدي- بدأت المشكلة من جديد!!
فرغم نداءات اللجنة العليا المكلفة ببحث آلية التعامل مع التطورات الناتجة عن انتشار فيروس كورونا “كوفيد-19″، وتحذيرات وزارة الصحة، والنشرات والقرارات التي تصدرها وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، إلّا أن كثيرًا من المساجد لم يلتزم أئمتها، ولا القائمون عليها بهذه التعليمات، وضربوا بها عرض الحائط، وكأنَّ كل تلك التحذيرات والتنبيهات لا تعنيهم بشيء، وكأنهم بمنأى عن الوباء.
ففي كثير من المساجد والجوامع داخل وخارج محافظة مسقط يرص المصلون الصفوف، ويزاحمون الكتف بالكتف، ويصلون دون لبس الكمامات، ولا يحضرون سجاداتهم الخاصة، وهي الضوابط المنظمة لإقامة الصلاة، في تحدٍ سافر وجاهل- للأسف- للقوانين التي تحاول الحد من انتشار الوباء، وضرورة الأخذ بالأسباب، التي هي جزء من عقيدة المسلم، ويتم كل ذلك تحت سمع وبصر “جماعة المسجد”، والقائمين عليه. وقد تناولتُ في مقال سابق، ما حدث في أحد مساجد “المعبيلة الجنوبية”، أثناء الاحتفالات بالمولد النبوي الشريف وبحضور واعظ من وزارة الأوقاف؛ حيث خلع الجميع بمن فيهم “الملتحون المتدينون والواعظ والإمام”- الذين يفترض أن يكونوا قدوة لغيرهم- الكمامات، ورصوا الصفوف، وحاذوا المناكب بالمناكب، والأقدام بالأقدام، وكأنهم يتحدون تلك القرارات والتعليمات والضوابط، وهم يعلمون أو لا يعلمون أن تصرفهم ذلك قد يتسبب بأذى لغيرهم.
إن على وزارة الأوقاف والشؤون الدينية دور مُهم في مراقبة المساجد والجوامع التي تقع تحت مسؤوليتها، وتنفيذ العقوبات الرادعة بحق الأئمة والقائمين على المسجد المخالفين، خوفًا من اتهام المساجد بأنها بؤرٌ لتفشي المرض من جديد- لا سمح الله- ومن ثم عودة الإغلاق، وبالتالي عودة الصرخات المدوية، ونظرية المؤامرة العالمية، وغيرها من الذرائع التي تطالب بفتح المساجد، والتي تضع اللجنة العليا في حرج، وكل ذلك بسبب عدم التزام بعض المصلين المستهترين بالتعليمات المنظمة لإقامة شعائر الصلوات، والتي تسعى للحفاظ على الصحة العامة.
للأسف الشديد، دائرة عدم الالتزام بالتعليمات تتسع، والتهاون بالإجراءات يكاد يعُم، سواء في المساجد أو الأماكن العامة، أو في المجمعات التجارية، دون حسيب أو رقيب، فلم يعد قياس الحرارة لدخول بعض المتاجر ضروريًا، ولم تعد عربات التسوّق تُعقم، وحتى الكمامات- في بعض الأحيان- لا يتم الالتزام بارتدائها، رغم أن المتحور الجديد “أوميكرون” ينتشر بسرعة البرق في العالم، ووسائل الإعلام تتناقل أخباره بهلع، إلا أنّ الناس في غفلة منه، وكأنّ الأمر لا يعنيهم، وحسنًا قامت اللجنة العليا بمنع إقامة مناسبات العزاء والأفراح، وشددت على ضرورة الالتزام بالإجراءات الاحترازية، تحسبًا لأي طارئ قادم- لا قدّر الله- فالتزموا يا عباد الله تسلموا.
مسعود الحمداني