أسدل الستار على منافسات بطولة كأس العرب مع إعلان فوز منتخب الجزائر محاربي الصحراء بالبطولة، وقد كانت البطولة من أجمل البطولات تنظيميا مع أنها لم تخلُ من بعض الحالات التي تكاد تسجل لأول مرة في تاريخ كرة القدم، لكنها بالمجمل العام بطولة رائعة؛ كونها تعد التجربة القطرية لنهائيات كأس العالم لكرة القدم ٢٠٢٢م، وقد نجحت فيها قطر بامتياز، وهذا ـ بلا شك ـ يمثِّل أهمية للعرب جميعا. وحسنا فعلت قطر اعتبار بطولة كأس العرب التجربة المسبقة لكأس العالم، وهي بطولة تحمل خصوصية ورابطة قومية تطفو على كل الإخفاقات العربية وتقرب المسافات، وتوحد العرب في زمن صار فيه لمُّ الشمل ووحدة الكلمة مطلبا جماهيريا لأبناء الأمة العربية من المحيط إلى الخليج. وما يهمنا بالتفصيل هنا هو وضع منتخبنا الوطني الذي قدم بطولة رائعة وسجل اسمه في طليعة المنتخبات العربية الثمانية الكبار، بل إنه كان يستحق مركزا أكثر تقدما نظرا للمستوى الذي ظهر به طوال مباريات البطولة .
منتخبنا الوطني جاء إلى البطولة يحاول أن يسجل بصمة، فكان جديرا بها؛ نظرا لما سجله من نتائج، وبما يمتلك من أوراق قوة أهَّلته ليكون الحصان الأسود بالبطولة، وكان يمكنه أن يذهب بعيدا. ولا شك أن المستوى الفني، الذي قدمه من خلال المباريات الأربع التي خاضها المنتخب، لم يكن أقل عن الفرق التي بلغت دور الأربعة. نعم قدَّم منتخبنا جهدا جماعيا كبيرا، وكانت خطوطه منظَّمة، وقدَّم لاعبو منتخبنا مهارات فردية وجملا جماعية رائعة واكب فيه أقوى المنتخبات العربية، وقدَّم أداء قويا تَوَّجَه بأهداف جميلة جاءت بمختلف الطرق، وهنا كلمة يجب أن نقولها شكرا منتخبنا الوطني .
هناك أيضا بعض الملاحظات التي ينبغي التركيز عليها خلال الفترة القادمة، لا سيما وأن منتخبنا الآن في عنق التصفيات النهائية لكأس العالم، ولديه الإمكانات لقلب التوقعات لصالحه والتقدم على سلَّم الترتيب وكسب نقاط جديدة تعزز الآمال والطموحات، وهذا أمل يحدو كل مواطن عماني. وبلا شك، نجوم منتخبنا يُقدِّرون ذلك جيدا، لذا فما زال الأمل باقيا في العطاء والتضحيات التي ننتظر أن يقدمها نجوم منتخبنا الوطني من أجل المنافسة على أحد المقاعد الثلاثة المؤهلة لكأس العالم وأقلها المركز الثالث، ولا يوجد مستحيل في عالم كرة القدم. ونحن هنا لا نقول هذا الكلام من قبيل المبالغة، بل عطفا على المستوى الكبير الذي قدمه الأحمر والنتائج أيضا، ومنتخبنا قادر بعون الله على أن يكون فرس الرهان، والآمال تتطلب تضحيات وإرادة وهي متوافرة لدى نجوم منتخبنا الوطني .
الملاحظات التي يتطلب التركيز عليها بسيطة وبإمكان منتخبنا تعديلها في المباريات القادمة، وأولها ينبغي على منتخبنا أن يقدم مبارياته برتْم متقدم واحد لا يختلف من مباراة إلى أخرى، ونحن ننشد تقديم المستوى المعهود في جميع المباريات وبمستوى واحد في شوطي المباراة؛ لأن المنافسة تتطلب استثمار كل زمن المباراة وتقديم ما يمكن من جهد في جميع المباريات، وهذه الملاحظة لا أعلم ظروفها المحيطة لكن ما هو ملاحظ في منتخبنا أن يمتلك الإمكانية لتقديم أفضل العروض والنتائج .
إن تفعيل دور القائد الميداني في وسط الملعب هو أمر مهم في قيادة الفريق، وكابتن منتخبنا يبذل قصارى جهده من أجل تقديم المنتخب كمجموعة أفضل النتائج ويشكر على جهوده، ويتطلب المزيد من الجهد في تحريك مختلف المزايا القيادية المساعدة في أرضية الملعب .
الملاحظات الفنية الأخرى هي ترتبط بعملية إدارة مجرى المباراة، سواء بامتصاص قوة الخصم أو الضغط المباشر على الخصم مع تجنب الأخطاء في أماكن حرجة أو استغلال الفرص وامتلاك روح الفوز والقتالية من أجل تحقيق الهدف، وتفعيل النمط الأجدى للتهديف كاستغلال العرضيات والتلاحم البدني مع الخصم وغيرها من الملاحظات التي ظهرت في بطولة كأس العرب الأخيرة، وكذلك في التصفيات النهائية لكأس العالم وهي تتطلب مزيدا من الجهد والتركيز، ولا شك أن مدرب منتخبنا الوطني الذي أرفع له التحية هو جدير بملاحظتها وتلافيها خلال الفترة القادمة .
كمتابع رياضي أقول ـ وحسب قراءتي المتواضعة ـ راضون كل الرضا عن منتخبنا ونتطلع إلى مزيد من الجهد والتضحية والقتالية والإصرار وتحديد الهدف في المرحلة الأخيرة من التصفيات، والهدف هنا مشروع ويحمل أمنيات شعب بأكمله وعُمان كلها معكم، والله الموفق وعلى بركة الله في إكمال ما تبقى من التصفيات، والله ولي التوفيق والسداد .
خميس بن عبيد القطيطي