عُرفت بلادنا على مدى التاريخ بأنَّها بلد زراعي يُصدّر مُنتجاته الزراعية، لا سيما التمور والليمون، إلى العديد من الدول، غير أنَّ هذه الحرفة المهمة بدأت في التراجع منذ فترات طويلة، وزاد من حدة التراجع التحديات التي تعصف بالقطاع الزراعي، والتي تتداخل فيها الظروف الطبيعية مع التصرفات البشرية من إهمال أو إساءة استخدام للمبيدات والأسمدة.
الواقع يُشير إلى أن المساحة الخضراء في عمان تتراجع تدريجيًا، ولعل العامل الأبرز في ذلك، ارتفاع نسبة ملوحة التربة وشح المياه والتمدد العمراني الذي جاء على حساب مساحات زراعية، فضلاً عن عدم عناية المزارع العماني بأرضه كما كان عليه الوضع سابقًا، فنرى الأجيال الجديدة غير متحمسة للعمل في القطاع الزراعي مثلما كان جيل الآباء ومن قبلهم، في حين تركوا الأرض بما عليها للعامل الأجنبي يتصرف كيفما يشاء، فتسبب الأجنبي في استخدام مُفرط للأسمدة والمبيدات بحجة زيادة المحصول، دون استشارة خبراء الزراعة. ولقد مثلت النخلة العمانية عصب القطاع الزراعي، لكنها هي الأخرى شهدت عدم اهتمام بين عدد من المزارعين، إلا أنَّ المشروع الوطني الضخم الذي انطلق قبل سنوات لزراعة مليون نخلة، نجح في إعادة الزخم إلى أهمية النخلة، وساهم في زيادة أعداد أشجار النخيل. الحال كذلك مع أشجار الفواكه وغيرها من المحاصيل التي تشتهر عمان بزراعتها، فقد واجهت تحديات ما زال أثرها مستمرًا حتى الآن، وهو ما يتطلب التدخل العاجل والفوري لإنقاذ هذا القطاع الحيوي، والذي يمثل العمود الفقري في جهود توفير الأمن الغذائي.
ومن بين التحديات الرئيسية كذلك للزارعة، ارتفاع فواتير الكهرباء وزيادة أسعار المياه وصعوبة الحصول على مأذونيات لاستقدام عمالة زراعية ماهرة، فبعد أن تقلص الدعم الحكومي على الكهرباء، ارتفعت الأسعار بصورة أضرت كثيرًا بالمزارعين، ما تسبب في خسائر على المزارعين، قد تُهدد بهجر الزراعة وعدم الاهتمام بها نهائيًا.
إنَّ القطاع الزراعي في حاجة ماسّة إلى الدعم من قبل مؤسسات الدولة، من أجل خفض أسعار الكهرباء وتوفير مياه الري اللازمة، وأيضًا التوسع في توزيع الشتلات، وإدخال التكنولوجيا الحديثة، والتوسع في البيوت المحمية، والاستفادة من الهندسة الوراثية وفق الظروف المناخية للسلطنة، حتى نضمن إنتاجًا زراعيًا وفيرًا.
علي بن بدر البوسعيدي