ما أسرع مرور السنوات، فكأنما حبات مسبحة في يد شيخ وقور ، لتمضي سراعا لبيقى الشموخ والسؤدد، فالأحلام الكبيرة، والأعمال الخالدة المجيدة دوما مرهونة بعزم الرجال ، فهي لا تتنزل إلى واقع الحياة إلا من خلال شخوص نابهم إصطفاء ألله ورضاه، فإن حياة من يصطفيهم الله لا تنقضي بإنقضاء آجالهم فإنها تبقى بمنجزاتهم. رحل السلطان قابوس.. استجاب لنداء الله ، فألقى عصا الترحال ومضى إلى السماء لينام في عليائه هادئ البال ، تاركا بعمان عمرا آخر سرمديا ممتد عبر السنوات. وتشرق شمس الوطن في هذا اليوم الثامن عشر من شهر نوفمبر المجيد، لتكتسي أرض عمان بأنفاس العز والسمو، لنبعث إلى هذه الأرض الطيبة، أرقى عبارات الحب الخالد، عشقا وغراما يسري في القلوب، وسيظل هذا الوطن يسمو على قمم الكواكب، تصطف من حوله الأقمار والنجوم في احتشام، لتأت الأحاسيس منا شارعة للريح أثواب التمني وأبتهالات الغرام، ولعمان نذرنا الأنفس خالصة لله في الدفاع عن أرضها وصون كرامتها بالإيمان والصدق والوفاء، واسكنا هذا الوطن بين الاضلع حبا يفوق حد الوصف . في هذا الشهر المبارك تخضر أرض الوطن، يستقبله النسيم وعيون عطاش، نستقبله بالمباهج والاهازيج، نستقبله بسماء ترفرف في فضائها أسراب الحمام ،وأستوت عمان في هذا اليوم عروسا وتناثر الفرح بروقا في سحاب، ليروي الأرض أمنا وسلاما، وفي سبيلك أيها الوطن نحرق سوسنات العمر، فلا ندري حقا أتبكي عيوننا حزنا على فراق باني النهضة المباركة مولانا السلطان قابوس طيب ألله ثراه، أم نبكي فرحا بما أنجزه من معجزات، وستظل عمان كما كان العهد مع السلطان الراحل وفي عهد مولانا السلطان هيثم يحفظه ألله، نهر دافق وسلسبيل من زلال ينسكب على شعوب العالم آمنا وطمأنينة، ليبقى الإرث الحضاري لهذه الأمة يرفرف في المعالي، دررا تسعد النفوس التواقة إلى السلام، لتظل هذه الأرض المباركة طيبة لا تنبت إلا طيبا، وشعب كريما عانق الشهباء.. ولمولانا السلطان هيثم ولهذا الوطن العظيم نجدد العهد والولاء، متجددا وراسخا إلى أن تفنى الحياة، حيث يكون كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام. اللهم أكرم أهل عمان بقولك( كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله )
بدر بن عبدالله الهادي