ما زالت الأمة العربية ومع تقادم الأعوام تعيش على أمل العودة لبناء مشروع عربي مواز للمشاريع الاقليمية يعيد للأمة العربية مكانتها وكرامتها وهذه التطلعات ليست أضغاث أحلام بل هي حلم مشروع وأمل متجذر في مشاعر ووجدان أبناء الأمة العربية، بالتعاون والتكامل مع المشاريع الأخرى المرتبطة بالأمة العربية، والمشروع العربي النازع نحو بناء تعاون عربي حقيقي لا نقول تجاوزته الظروف والأيام، لكنه مر بحقبة زمنية حالكة شكلتها ظروف ومتغيرات عربية وتدخلات خارجية مازالت تمارس دورها على هذه الأمة لإعاقة نهوضها ووضع المطبات أمامها وحرف مسار أي نهضة علمية صناعية تقدمية في أي بلد عربي وخلق مشكلات أمام أي تقارب عربي وهذا ليس بخاف على أحد، وقد كشفت الكثير من حقائق التاريخ ذلك بدءا من المؤتمر الصهيوني الأول ١٨٩٧م في بازل سويسرا مرورا بمؤتمر كامبل ١٩٠٧م ولا يختلف الحال مع تصاعد المؤامرة باعلان بلفور ١٩١٧م وهكذا هو الحال مع اعلان تقسيم فلسطين ١٩٤٧م، وهي حقائق ثابتة تؤكد على حقيقة واحدة أن المواجهة مستمرة مع القوى الاستعمارية، وقد تحقق لهم ما يصبون إليه في ظل مرحلة تراجع عربي، واليوم ما زالت قوى الاستعمار هي نفسها لم تتغير وكيانها المزروع في قلب الوطن العربي يمارس دوره في اشغال العرب عن أي نهوض أو تقارب ومازالت قوى الاستعمار تلعب دورها داخل الاقطار العربية المنقسمة على بعضها وتدرك الانظمة العربية تلك الحقائق، ولكن للأسف الشديد نجد اندماج بعض الانظمة في المشروع الصهيوني، والبعض الآخر يتخوف من الاقدام باتجاه أي مشروع عروبي في ظل غياب إرادة عربية وغياب القيادة المحورية، وانزواءآت قطرية .
لا نستطيع القول أن المتغيرات والظروف قد اختلفت لكنها تسير نحو التغير وهي متغيرات مرتبطة باستراتيجية التحالفات والمحاور، وصراع الحضارات الذي تقف على أحد طرفيه الولايات المتحدة من جهة في مواجهة روسيا والصين وتحالف الشرق وهو ما يجعل التركيز على الشرق الأوسط يتحول نحو الشرق الأسيوي وهذا المتغير يفرض على العرب استثماره لصالحهم بإعادة صياغة علاقات تعاون استراتيجي مع الشرق والانفتاح بلغة الاقتصاد، مع التركيز على احياء المشروع العربي والتعاون العربي المشترك بعيدا عن التدخلات الخارجية، وتعزيز الاسس القومية لميلاد عربي جديد، كل ذلك بلا شك بحاجة الى إرادة عربية واستشعار أهمية اللحمة القومية وتفعيل الشراكة العربية باستثمار المعطيات الجوهرية على خارطة الوطن العربي الكبير وفق علاقات جماعية عربية، إلا أن العائق الاكبر الذي يواجه هذا البناء العربي هو وجود كيان الاحتلال الذي استقطب دول عربية في قائمة التحالف الابراهيمي ويحاول توسيع هذه الدائرة، فهل يعي العرب جيدا أن الكيان المحتل يعيش حاليا عقدة الزوال وتتزايد لديه هذه المخاوف مع مرور الزمن والمؤشرات متعددة، لذلك يتشبث بمشاريع وهمية كالمشروع الابراهيمي الذي يحاول التأسيس له وهو على شفا جرف هار سينهار به، لذا على العرب إعادة قراءة التاريخ وليس قراءة التاريخ بالمقلوب .
خميس بن عبيد القطيطي