خلال قراءة كتاب “نافذة على فلسفة العصر” لمؤلفه، المفكر المصري، زكي نجيب محمود، الذي يؤكد فيه على على الفلسفة البراغماتية المحدثة كتيّار فلسفي معاصر.
وبرأي الكاتب، إذا كانت الماديّة الجدليّة والماديّة التاريخيّة تستقي من فلسفة التاريخ بمعنى أنّها تصوب النظر إلى الماضي والحاضر، لتنتهيَ بنا بنظرة إلى المستقبل فقد قامَ ماركس وأنجلز بصياغة نظرية التطور الاجتماعي.
فيمكن القول إنّ البراغماتية هي فلسفة المستقبل بمعنى أنه يمكن أن نقوم بقياس الأمور بما يترتّب عليه من نتائج عملية يمكن الحكم عليها، والمعنى الحقيقي لأيّ فكرة هي النتائج التي ستؤدي لها.
وبهذا يمكن اعتبار الولايات المتحدة الأمريكية، والتي قامت بتزعم المعسكر الرأسمالي الغربي هي الأنموذج للفلسفة البراغماتيّة التي انتشرت فيها في القرن العشرين، وامتدت حتى القرن الواحد والعشرين.
كما أنّ البراغماتية بحسب الكاتب، اتّصلت بشكل كبير بالمذهب الإجرائيّ، وذلك من خلال تطور التكنولوجيا والتطور العلمي الذي شهده القرن العشرين، والذي كان بمثابة ثورة معرفيّة علمية هائلة بينما ذهبت الإجرائية في فهم المعاني أو الأفكار.
وذلك يعني أن الفكرة معناها هو مجموعة من الإجراءات التي نقوم بها، ونقوم بتحقيقها، وبهذا يتصل فِكر البراغماتي بعمليات التغيير حتى أنّه من الممكن اعتبار هما وجهان لعملة واحدة.
وبذلك تكون التجربة على الواقع المحسوس هي أساس التفكير العلمي البراغماتية على الرّغم اختلافاتها مع المادية الجدلية في اتجاه النظر، إلّا أنّهما يشتركان في رفض التأمّلات التي لا تلد للناس عمل يؤدونه ولا تنسى لهم تغييراً وبهذا يمكن اعتبار الفلسفة البراغماتية فلسفة العصر.
والتي قد تم استخلاصها من ميول العصر ومتطلباته؛ وذلك لمواكبة التحديثات الناشئة، والفلسفة العلمية تحتم علينا أن نتبنى النظر العلمية القائمة على التجربة والتطبيق، وهي نتيجة لهذه الفلسفات، وعلى رأسها البراغماتية المحدثة.
زكي نجيب محمود (1905 – 1993) من أبرز فلاسفة العرب ومفكريهم في القرن العشرين، وأحد رُواد الفلسفة الوضعية المنطقية. وصَفَه العقاد بأنه “فيلسوف الأدباء وأديب الفلاسفة”؛ فهو مفكِّرٌ يصوغ فكره أدباً، وأديب يجعل من أدبه فلسفة.
عبدالعزيز بن بدر القطان