الدنيا جميلة بإشراقات شمسها في الصباح الباكر ثم تزداد جمالاً أخاذاً عند إنحناء قرصها المليئ بأشعتها الملتفة حولها مشكلة اهرامات دائرية حولها مليئة بلونها الذهبي المورّد نحو الأسفل إلى الغروب! وهو ملتقى نهاية النهار وبداية الليل ولكن منذ ذلك الشروق الصباحي وإلى أن يحين وقت الأصيل ومن ثم الليل في تصوري هذه هي دورة اليوم الواحد إخواني القراء الأعزاء :
” إنها دورة قصيرة بسيطة! مدتها الزمنية أربع وعشرون ساعة ولكنها مليئة بالأحداث وبالأقدار وربما تلك الأحداث وتلك الأقدار تكون كبيرة فادحة محملة بالحسرة والألم ولوعة الأسى! ولن أطيل عليكم الكلام.. إنها لمن ضمن مقرراتنا الدراسية التي درسناها وتعلمناها في الأيام الخوالي التي كنا فيها طلاب في المدارس كنا ندرس في مادة الفيزياء ألوان الطيف السبعة وهي الألوان التي تحملها اشعة الشمس وهي : ” الأحمر ، والبرتقالي، والاصفر ، والاخضر ، والأزرق ، والبنفسجي ، و النيلي” وهي تعني الحياة بكل زخمها بدليل أن العالم كله لايستغني عنها في يومياته فهو يرتديها كلباس ويحسها حينما يشاهدها ” .
وكنت قد استخدمتها منذ فترة كتشبيها للنجم الكروي العالمي الأسطوري الأرجنتيني ارماندو مارادونا الذي رحل عن عالمنا يوم أمس عن عمر يناهز الستين عاما فقد سألني أحدهم لماذا؟!
تشبه مارادونا بألوان الطيف فقلت له سأجيبك بأن دييغو كل الألوان التي لبسها أو إرتداها في عالم كرة القدم أتى لها بنتائج مشرفة وحقق لها البطولات ولا أجامل حينما أقول : ” آت لها بالمعجزات في عالم المستديرة فكل محطات دييغو أرماندو مارادونا الكروية هي تخبر بهذا الكلام فمنذ بدايته في ١٩٦٧م في عالم كرة القدم ثم جائزة الطفل الذهبيEl, pibe, de, Oro التي قدمت له ” والتي قال عنها هو شخصيا ” بأنها لازمته طوال مسيرة حياته في مجال كرة القدم سواء على مستوى الأندية التي لعب لها “، و أشهر ها ارجنتينيوس جونيورز ، و بوكا جونيورز ، نابولي واشبيلية ، برشلونة ، نيولز اولد بويز..وهناك مائة وخمسة عشر هدفا سجلها مارادونا بين عامي 1976 – 1981 في 167 مباراة قبل انتقاله إلى بوكا جونيورز .. لقد بدا مشواره في مجال الكرة في 20 اكتوبر 1976م وكان يومها لديه من العمر خمسة عشر عاما كما تحدث هو عن نفسه ثم كان لمنتخب الارجنتين للشباب نصيب فيه بين عامي 1977- 1979 ثم انتقل للتشكيل الأول لمنتخب الارجنتين الأكبر في 1981 ثم أخذت نجوميته تكبر معه وتنضج معه شيئا فشيئا إلى أن جلب للألبيسيليستي أعظم الأنجاز وهو تتويجه بطلا على العالم في موندياله 1986 فمنذ ذلك التاريخ وإلى يومنا هذا لن يستطيع العالم بأسره ان ينسى مآثر مارادونا على الأرجنتين والعالم خصوصا كلما شاهد ألوان الأرجنتين وعلمها وشمسها التي تتوسط ذينك الخطين السماويين وكلما شاهد مارادونا شخصيا.
لقد استطاع الفيفا أن يحدد ملامح ارتباط الفن الكروي المارادوني بمارادونا حينما تمكن من رصد حجمه أي بنيته الجسدية وطوله لكي يتعرف على مزايا تلك الموهبة التي تتميز بإنطلاقته الهائلة السريعة وخفة الحركة والمراوغة وارتقائه العالي لإلتقاط الكرة بالرأس مع طوله 1,65 متر و 5 قدم و 5 بوصه.
لقد كانت كرة القدم هي عالمه المفضل ولقد ازداد حب العالم بها أكثر حينما زاولها وامتهنها مارادونا وقد قيل بأن في الأرجنتين بأن الرقم عشرة 10 في العد الحسابي ينطق بمارادونا ولهذا فإنني عندما أتيت بعبارة ألوان الطيف السبعة في بداية حديثي هو أنني أردت بذلك أن أقول : ” أن دييغو مارادونا هو كتلك الألوان فحينما ترى أولها تستسلم له جوارحك ” فتقول هذا اللون هو أجمل الألوان وحينما ترى بقية الألوان الواحد تلوى الآخر فإن عينك وقلبك يحتاران في اختيار الأجمل من تلك الألوان فهكذا هو مارادونا !
لقد رحل وترك له ولعائلته وللإرجنتين ولنا إرثاً عظيماً في مجال كرة القدم لا يقدر بثمن إن العالم بأسره ليحزن على رحيل دييغو الذي كانت حياته حافلة بالعطاء السخي اللآمحدود في مجال كرة القدم لبلاده الأرجنتين وللعالم وعزائنا الصادق لعائلة مارادونا خاصة والشعب الأرجنتيني بشكل عام وتحية لمجده ولروحه.
بقلم الأستاذ / فاضل الهدابي