عمّان في 17 يناير /العمانية/ أقامت جمعية النقاد الأردنيين ندوة في مكتبة الأرشيف، بمناسبة صدور كتاب “حارس الحكايات” الذي يتناول شهادات ودراسات عن د. فيصل دراج ومراجعات لسيرته الأدبية جمعها وقدمها د. عيسى برهومة والباحث عامر أبو محارب.
واستعرض د. يوسف ربابعة أطروحات الكتاب ومراميه، مشيرًا إلى أن الكتاب يضم أربعة أقسام: قسم لكتابات دراج، وقسم لشهادات بحقه، وقسم لدراسات نقدية على نقده، وقسم لدراسات مهداة له.
وبيّن أن دراج عرف أن المكان فضاء متسع يتشكل في الفكر والوجدان، وأن الهوية تتشكل في مستقبل مفتوح على كل الاحتمالات حين نعيها وجودًا وزمنًا.
وتناول ربابعة مجموعة من الشهادات بحق دراج، قدمها باحثون ومفكرون وأدباء، موضحا أن في هذه الشهادات “اتفاقًا وإجماعًا على مجموعة من الميزات عن فيصل دراج، رغم اختلاف كاتبيها، وبالتأكيد لم يكن بينهم اتفاق على ما شهدوا به”.
وقال إن فيصل دراج يمثل ظاهرة “الناقد الذي يستولد من النص معاييره الجمالية من دون الخضوع للسائد من النظريات والمعايير المنمطة”، وإن مفهوم الحرية عنده هو “انبثاق الذات في فضاء واسع، والتحرر من سطوة المفاهيم والمقولات الجامدة”.
ولفت ربابعة إلى أن دراج “يمتلك روحًا نقدية شكاكة غير مستقرة وباحثة عن مصادر معرفية متجددة لقراءة النصوص والواقع”، وأنه باحث “يدور في دائرة لا في خط مستقيم، فلا يستقر على منهجية واحدة، بل يبحث عن مقترحات جديدة للقراءة، وتفحص حقول الإبداع المتعددة في العالم العربي”.
وبيّن ربابعة أن دراج يقدم في كتبه نقدا للفكر النهضوي والتنويري ولأشخصهما وللظروف التي أنشأتهما وكانت سببا في فشلهما أيضا، كما يقدم قراءة نقدية في خطاب التنويريين، ثم يصل إلى أن الهزيمة السياسية وهزيمة التنوير حدثت لأن المواجهة بدأت وانتهت بين “الشيخ التقليدي” و”المثقف الحديث”.
واستشهد ربابعة بمقولة لدراج جاء فيها: “يقال: يتعرّف الإنسان على ذاته حين يعرف من أين أتى. والقول صحيح وغامض: فقد أتيت من الجليل، في شمال فلسطين، مارًّا بجنوب لبنان، ومنه إلى حوران في سوريا، وصولًا إلى غرف مؤقتة في قرية يتقاسمها التركمان والشركس، تناثرت على جوانب الطرق المؤدية إليها: خيم ودخان وبشر طيبون، تدهسهم سيارات مسرعة، وذكريات صادمة، وكتب دائمة الخضرة، وحصان مختلج العينين يحتضر تحت المطر”.
وكانت د. أماني سليمان قدمت للندوة بالقول إن هذا الكتاب “شكل من أشكال ردّ الحق لمثقف تنويري آمن بالكتابة بوصفها سبيلًا لمناهضة نوافذ الجهل والرجعية والتخلف، بعيدًا عن اشتراطات الأكاديمية والحقل الجامعي”، مشيرة إلى أن دراج اعتمد على نشاطه الذاتي الدؤوب، ليضيء اهتماماته وانشغالاته الكتابية المتشعبة بين الترجمة والنقد الأدبي والثقافة والسياسة والمراجعات الفكرية.
وقرأت سليمان إحدى شذرات دراج التي افتُتح بها الكتاب، ومنها: “كان زمنا صعبا، يعلّم اللاجئ بجدارة ما لا ينسى.. أذكر شاحنة رمادية متقطعة الصوت وطريقا نحو الشمال، وحقائب متراكمة ومطرا ربيعيا وغموضا باردا يخالطه الحزن، وحصانا يحتضر تحت المطر، وأتذكر نفسي صبيا يسافر مع عائلته إلى مكان قريب، وأذكر أيضا عجوزا ضريرا، افترش التراب، يلوّح بيد تعلن عن الفراق.
/العمانية/
ع م ر