
الشارقة، في 21 ديسمبر/ العمانية/ يجسّد “بيت الحكمة” في الشارقة، نموذجاً لمكتبات
المستقبل في العالم، إذ يدمج بين مفهومَي المكتبة والملتقى الاجتماعي والثقافي، ليغدو
منصة اجتماعيّة للتعلم والمعرفة، تعززها أدوات الابتكار والتقنيات.
ويشتمل البيت الذي افتُتح مؤخراً، على مئات الآلاف من الكتب والوثائق والمواد المعرفية
المحفوظة داخل تحفة معمارية تعتمد في تصميمها على الإضاءة الطبيعية، ويتجوّل فيها
الزائر داخل حديقة محاطة برفوف الكتب، ويعيش تجربة القراءة في مساحات تفاعلية
مفتوحة.
ويضم المشروع 15 من القاعات والردهات والساحات موزعة على طابقين؛ ومن بينها:
“قاعة الرشيد”، و”ميدان الحكمة”، و”معرض المأمون”، و”مكتبة الجرهمي”، و”صالة
ابن دريد للقراءة” و”معرض الخوارزمي”. ويمكن استخدام هذه المساحات وسواها
لاستضافة معارض فنية، وتقديم عروض مسرحية، وعقد ندوات ومحاضرات واجتماعات.
وتضم المكتبة حوالي 305 آلاف كتاب في حقول الثقافة والأدب والمعرفة، منها 11 ألف
كتاب بلغات غير العربية، و105 آلاف كتاب ورقي، و200 ألف كتاب إلكتروني.
ومن بين مرافق البيت، تبرز محطة الخدمة الذاتية (اسبريسو الكتب)، التي تتسم بقدرتها
على طباعة الكتب في زمن قياسي، وهو ما يمكّن الزوار من طباعة أيّ كتاب وتغليفه
بتقنيات عالية.
ويمكن للزائر التجول في “مخبر الجزري”، الذي سُمي بذلك تقديراً للإسهامات العلمية
والمعرفية التي قدمها العالِم والمخترع بديع الزمان الجزري (1136-1206م).
ويحتوي هذا المخبر على تقنيات متطورة في الطباعة، وآلات مثل الطابعات ثلاثية
الأبعاد، وقاطع الليزر، إلى جانب آلة التحكم الرقمي الصغيرة (CNC)، التي يتم التحكم
بها من خلال جهاز الحاسوب وتُمكّن مستخدميها من إنتاج مشغولات معقّدة الشكل
بسهولة، وغيرها من الخيارات التي تجعل المخبر بوابة للتعرف على تقنيات المستقبل.
وكُرِّست في البيت مكتبة منفصلة للأطفال تحتوي ما يزيد على 2000 كتاب، ومكتبة
لليافعين تحتضن نحو 3000 كتاب. كما خُصصت ساحة للصغار (3-10 سنوات) تحت
اسم “القارئ الصغير”، تقدم للأطفال برامج متنوعة باللغتين العربية والإنجليزية،
وتعرض أمامهم مواضيع في الابتكار والتكنولوجيا والاستدامة، وفي الوقت نفسه توفر
لهم مساحة للتعلّم والقراءة إلى جانب الاستفادة من ورش العمل التي تُعقد لتبادل الأفكار
وإطلاق العنان للمخيلة وتحفيز التفكير الإبداعي.
ويضمّ الفناء الخارجي لـ”بيت الحكمة” حدائق منسقة تشمل 331 شجرة تنتمي إلى 12
نوعاً، تطل على نصب “المخطوطة” التذكاري احتفاءً باختيار الشارقة عاصمة عالمية
للكتاب لعام 2019 من قِبل اليونسكو.
واحتضن البيت عند افتتاحه معرضاً للفنان وفاء بلال يحمل عنوان (168:01)، يذكّر
بالخسارة الثقافية التي حلّت بمكتبة كلية الفنون في جامعة بغداد، إذ تعرضت للحرق في
عام 2003، ما حوّل أكثر من 70 ألف كتاب فيها إلى رماد.
ويتضمن المعرض مكتبة ممتلئة بالكتب الفارغة والبيضاء، لحثّ الزوّار على استبدال
كتب ورقية مطبوعة بها، للمساعدة على تجديد المكتبات المفقودة في الجامعات والمعاهد
العراقية، إذ سيتم إهداء الكتب المتبرّع بها إلى مكتبات جامعات بغداد والموصل وبابل،
بالإضافة إلى المتحف الوطني العراقي.
كما يشتمل المعرض على أعمال تصويرية تحمل عنوان “سلسلة الرماد”، وسلط فيها
الفنان الضوء على مواد أعيد بناؤها من الحطام الذي تسبّبت به الحرب في العراق، إذ
جُمعت “السلسلة” على مدار عشر سنوات، وهي تبيّن بدقة وتفصيل إعادة البناء من مواد
مصغّرة عبر الصور الفوتوغرافية.
/العمانية/ 174