يكتنف المشهد الوطني حالة من التجاذب في الرأي العام المحلي، وهذه الآراء والمواقف وردود الأفعال ترتبط بالحالة الاقتصادية على الصعيد العام الوطني وعلى الصعيد الفردي، وبالتالي فلا بد من قراءة الموقف العام بشكل واضح وشفاف لمحاولة ولوج مسارات آمنة تحقق للدولة نجاحا اقتصاديا ولا تضر بالحالة المجتمعية أيضا، ولا شك أن هذه المرحلة هي مرحلة انتقالية للوصول الى وضعية التوازن المالي التي تطمح إليها الدولة، وفي نفس الوقت تحقيق الشراكة مع المجتمع والمواطن في الحدود الممكنة بما لا يضع المجتمع والمواطن فقط في دائرة الاستنزاف، وكذلك محاولة توفير البدائل الممكنة .
العلاج دائما يقدم بالشكل المحدد بحيث لا يتجاوز النسبة ويتناسب مع طبيعة الحالة، مع العلم أن الوضع الاقتصادي العام يتطلب رفع درجة الاستعداد على الصعيد الوطني عموما لأن هناك حواجز يجب أن تتجاوزها السلطنة سواء ما يتعلق باستعادة التوازن المالي أو تجنب تدخلات البنك الدولي أو ما يتعلق بتجاوز قضايا سياسية تتطلب المشاركة بتحمل مسؤولياتها، لكن نعود ونؤكد أن تلك المسائل يمكن تجاوزها بتعدد الخيارات والبدائل وليس الضغط على المواطن بحيث لا يمكن تحمل تراكم هذه الحزمة من القرارات التي تستنزفه بشكل كبير جدا، وخاصة أنها جاءت بشكل فجائي فجاءت ارتداداتها فجائية على الوضع المعيشي، وكذلك سلبية اسقاطها الاعلامي على الوطن والمواطن .
لن أتطرق لما جاء في هذه الحزمة المتراكمة فالجميع يعلمها ولكنني أناشد الحكومة بدراسة بعضها خاصة موضوع توجيه وتحديد الدعم للماء والكهرباء الذي يعتبر من أشد المسائل الضاغطة على الدخل الفردي منذ ما قبل الدعم فما بالك بالوضع القادم حيث يعاني منها حتى ذوي الدخل المرتفع، فهناك من البدائل ما يمكن العودة إليها وقد تطرق أحد اعضاء مجلس الشورى السابقين د. توفيق اللواتيا في تغريداته ما يخص هذا الموضوع وعلى الهيئة العامة للكهرباء والمياه مراجعة ودراسة كل الجوانب المحيطة بالموضوع وليس التعامل معه بمنطق صاحب الادعاء لذا يرجى التكرم بدراسة مختلف جوانب هذه المسألة فنحن جميعا شركاء في دائرة وطنية واحدة وما يهم مؤسسات الوطن يهم المواطن بطبيعة الحال، كذلك هناك مسألة التقاعد المبكر بعد خدمة ٣٠ عام وتأثير ذلك على فئة النساء بشكل خاص التي تتطلب دراستها أيضا والالتماس في تعديلها، ولا ننسى أن المواطن يعاني الان من مسألة توجيه وتحديد الدعم بالنسبة للوقود ايضا، وقد تراكمت عليه هذه المسائل التي تستهلكه وتلقي بظلالها على وضعه المعيشي وهي مسألة مرتبطة بالحالة الوطنية عموما .
إن المشاركة الوطنية كما اسلفنا هي ضرورة وطنية واجبة ولكن أصبحت ميزانية الفرد اليوم مشتتة في أكثر من اتجاه فكيف يمكن للمواطن تحمل هذا العبء، بل أن القضية أكبر من أبعادها الاقتصادية وبالتأكيد أن الدولة تدرك ذلك جيدا وتعلم تداعياتها، ونحن هنا نقدم الصورة بشكل عام ولكن للاسف لا يمكننا تقديم البدائل والخيارات التي يمكن أن تكون موثوقة أو مفيدة، ولكن لدي مقترح خيار لم يوظف حتى الآن وهو مساهمة رجال الاعمال والمال وأصحاب المؤسسات الكبرى بالسلطنة، لذا نأمل أن يتحرك أصحاب رأس المال بالسلطنة لتوفير رافدا وطنيا لمشاركة هذا الوطن في ظروفه الاقتصادية الملحة، وأنني أعتقد هنا أن الاشارة الى أصحاب رؤوس الأموال والمليارات واجبة في هذا الظرف الاقتصادي الوطني، لا سيما أن رجال المال تعززت ثروتهم وأموالهم من خلال التشغيل في هذا الوطن وربما أن الامتيازات التي حصل عليها رجال المال ومؤسساتهم خلال العقود الماضية جاءت بفضل ما تحقق لهم على أرض السلطنة وقد آن الأوان لرد الجميل والوفاء لهذا الوطن العزيز، وهنا أجدد الدعوة للاستفادة من هذه الورقة التي آن أوانها وهذا لن ينقص شيئا منها وسيعود خيرها وثمارها على الوطن والمواطن وسيبارك الله فيها، بل فيها تطبيقا للأمانة التي أوكلها الله سبحانه عليهم من الناحية الشرعية والوطنية، حفظ الله عمان وأهلها والله خير” حافظا وهو أرحم الراحمين .
خميس بن عبيد القطيطي