أيها المتوضئ بمدامع الوطن العابر لصباحاتنا الباكية أما تذكَّرْتَ الشتاء ؟.
أما اشْتقْتَ لفرحة الوجوه التي تستبشر بمقدمك فتصطفّ مع الفجر عند ثغور المدن لتمطر سيارتك الخضراء بالورود والزغاريد ؟.
أما الْتَقَتْ عقربا ساعتك عند منتصف الليل فتومض أجراس تنبيهات مواعيدك مع انتظارات كهل يسائل النجيمات عنك ليبثك الوشوشات فتصهل خيول الحظوظ مع وصولك ؟.
أناجيك يا وجع الحزانى وكهف اليتامى من تعريشة في سقف عمان تسمَّى “أنانتارا” شمختْ في عهدك الميمون ضمن استثمارات صندوق وزارة الدفاع ، وعلى المدى البعيد تتراءى أضواء حصن الشموخ وقلعة الفيقين في منح حيث تشتعل كل شتاء سرج خيام سيح البركات.
يا ترى لو أسرجتُ هذه الغيمة الباردة التي علقتها السماء فوق بلدة سيق وجئتك أألقاك في خيمتك الخضراء ؟.
يا ترى لو تناسيتُ وجع العاشر من يناير وطويت فجيعة العالم بك وتوسلتُ هذه النجمة الباكية لتهوي بي إلى حيث تقف كل غروب أأقف على مقربة منك مع الواقفين لأشهد إنزال العلم من السارية ؟.
ما زالتْ خارطة المخيم السلطاني تلتمع في ذهني كهذه القطيفة المضيئة التي تبرق في سماء الأخضر الأشم ، فكأني برايتك السلطانية على السارية ترفرف عند المصلّى حيث تجتمع بوزرائك لصلاة العشاءين ، وبالجوار خيمتك الكبرى حيث تستنزف عمرك لتصوغ أعمارا للوطن ثم خيمتك الثانية التي تتكرر ألوانها ونقوش سجادها في نشرة العاشرة حيث تستقبل الضيوف الذين يوسعون حضور عمان في الجغرافيا ، وبجانبها البيت المحمول على عجلات ، وعلى مبعدة من دائرة إقامتك هناك صفُّ خيام الذين شرفوا بالصحبة السامية الكريمة يبدأ بخيمة
الطبيب الخاص فخيمة المرافقين فخيام الوزراء فخيمة رئيس المراسم لتنتهي بخيام الإعلاميين.
سأتجاوز حدودي هذا الصباح البارد فأمْثل في حضرتك السامية دون المرور على خيمة المرافق العسكري اللواء صالح السيابي ، ولن أخاتل خطوات رئيس المراسم سعادة جمعة بن راشد البلوشي وأنا أتبعه إلى حيث خيمتك.
سأقترب بنفسي إلى حيث رأيت يوماً “كورت فالدهايم” الأمين العام للأمم المتحدة بطوله الفارع ينحني لك فيتقدم خطوات لينحني مجددا لباب خيمتك ، فأتوقف عند انحناءته الأولى.
سأدخل خيمتك لأول مرة لأراك تضيئ بابتسامتك فتتكثَّف ألوان الخيمة وتزهر نقوش السجاد لأبلغك قبل أن تستقبل معالي يوسف بن علوي ليضعك في التفاصيل بأن الأمم المتحدة خصصت جلسة لتعُّدد فيها مآثرك.
ورغم أن “أنطونيو غوتيرش” هو الأمين العام الحالي للأمم المتحدة إلا أن “كورت فالدهايم” ما زال يحضر بانحناءته أمام خيمتك.
وسأسابق معالي السيد بدر بن حمد بن حمود لأبلغك بأن خادم الحرمين الشريفين وجَّه بتسمية قمة العُلا بقمة قابوس بن سعيد وصباح الأحمد.
وسأفتح كل المسام لتلقي توصيات قمة العلا لكي أسابق الجميع إلى خيمتك الخضراء لإبلاغك بأن “الماستر كي” الخاص بأبواب الخليج قد تم تمريره بنجاح على الأبواب المغلقة ، وأن أغنية “خليجنا واحد طريقنا واحد” باتت ترنيمة حالمة في “طلعة البر” لدى العشاق ، وتتكرر في فترات بث إذاعات وتلفزيونات دول المجلس ، وأنشودة استفتاح في “لابتوبات” طلبة المدارس ، وصفقة لأكف البحارة يقربون بها المسافات لمواكب العودة إلى اليابسة ، وهي من الألحان المطلوبة جدا في “دي جي” الأفراح.
لن أحدثك عن عمان فهي وصيتك التي تنفذ ، ووديعتك الغالية مع خير من اخترت ووثقت وائتمنت.
فيا سيدنا قابوس بن سعيد الخارج من القصر المؤقت ببيت البركة ذات شتاء إلى المستقر الدائم في قصور القلوب طبت ساكنا وطابت بك القصور.
حمود بن سالم السيابي
———————————
سيق بالجبل الأخضر في ١٠ يناير ٢٠٢١م.