على الرغم من أن المساواة بين المرأة والرجل في التمتع بالحقوق السياسية والمدنية ناتج طبيعي عن المبدأ العام الذي أرسته الإعلانات العالمية والاتفاقات الدولية، فقد عنيت الجمعية العامة للأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة بالتركيز على بعض نواحي هذه المساواة بموجب صكوك خاصة.
على سبيل المثال، إن المادة /4/ من إعلان القضاء على التمييز ضد المرأة تنص على أن تُتَخذ جميع التدابير المناسبة التي تكفل للمرأة، على قدم المساواة مع الرجل ودون تمييز في الحقوق التالية:
أولاً، حقها في التصويت في جميع الانتخابات وفي ترشيح نفسها لجميع الهيئات المنبثقة عن الانتخابات العامة.
ثانياً، حقها في التصويت في جميع الاستفتاءات العامة.
ثالثاً، حقها في تقلد المناصب العامة ومباشرة جميع الوظائف العامة وتكفل هذه الحقوق عن طريق التشريع.
ثم جاءت اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة بتفصيلات أكثر، فلقد كانت كل من بريطانيا والولايات المتحدة أن اعترفتا للمرأة بحق التصويت بعد الحرب العالمية الأولى على إثر صراعات، بعضها كان عنيفاً، وفي فرنسا عرض لأول مرة إعطاء حق التصويت للنساء في العام 1901، لكن فقط العازبات والمطلقات، ولم يتحقق لها حق التصويت والانتخاب الكامل إلا عام 1944 في عهد حكومة شارل ديغول وما بعد.
غير أن النساء لم يمارسن الحقوق السياسية بكاملها، وكثيرات منهن اعتبرن أن السياسة ليست قضيتهن ولم يصوتن أبداً، وبعضهن جرى انتخابهن بمعدل 4% من النواب، و7.15 من الشيوخ، و8.2% من المستشارين العامين، و8% من المستشارين في البلديات، ففي سويسرا ما يزال حق الاقتراع للمرأة محل نزاع وترك أمر حله لسلطة الكانتون بحسب المعلومات.
وهكذا يتبين أنه برغم المواثيق الدولية وإصدار الدول القوانين التي تشير إلى المساواة في العديد من بلدان الغرب والشرق ورغم وصول بعض النسوة إلى أعلى المراكز في الدولة، فإن النصوص النظرية شيء والممارسة العملية شيء آخر.
فمثلاً، لم تتوصل المرأة الأمريكية حتى الآن إلى المساواة مع الرجل، وقد دعت “المنظمة الوطنية للنساء” منذ سنوات إلى الإضراب وذلك تحت شعار مطاليب منها: أن تدفع المؤسسات والشركات للمرأة نفس قيمة راتب الرجل، وأن لا تقوم أبداً بعمل تابع للرجل، وأن لا تبقى كائناً غير متكافئ معه، فهذه دولة عظمى ولكم أن تتخيلوا كيف أن هناك استحالة في التطبيق وسرعة في إرساء العدل النظري، ليس على صعيد حقوق المرأة فقط، بل في كل ما يتعلق بحقوق الإنسان، خاصة الإنسان العربي والمسلم.
أيضاً في عام 1984 ولأول مرة في تاريخ الولايات المتحدة رشحت امرأة لمنصب نائب رئيس الجمهورية عن الحزب الديمقراطي، وفي عام 1991 استلمت في فرنسا لأول مرة إمرأة رئاسة مجلس الوزراء.
وفي اليابان، ظلت القوانين حتى عام 1923 تقوم على فكرة أن النساء والأطفال و”المعتوهين” لا يمكن أن يشاركوا في النشاط السياسي، ولكن الدستور الياباني لعام 1946 نص على مساواة الرجل بالمرأة في جميع الحقوق والواجبات، ولأول مرة في تاريخ اليابان اشتركت 67% من النساء اليابانيات في إعطاء أصواتهن، العام 1946.
أخيراً، لا المجتمعات الغربية ولا العربية أنصفت المرأة وكل بحسب عاداته وتقاليده، لكن تبقى النساء نصف المجتمع ومدرسة بحد ذاتهن يخرجن أجيالاً من الرجال لتبني الأوطان، ما يعني أنهن كيانات لها دور فاعل سواء اعترفت الدول أم لم تعترف. – الكويت.
د. عبدالعزيز بن بدر القطان