رثاء والدي العزيز
غسلتْكَ أدمعُ فاقديك و لم تزلْ
عبراتُها تتحدّرُ الأكبادا
حَملوكَ؟…لا.. أبتاهُ إنّك سائرٌ
فوق الرؤوس تسطّر الأمجادا
دفنوكَ؟…لا.. أبتاهُ عانقَكَ الثرى
من شوقِهِ الطينيِّ مدَّ وِسادا
غادرتَ؟…لا.. ذكراك أكبرُ شاهدٍ
ملأتْ بطِرسَ المشرقَينِ مدادا
ما مُتَّ…لم تسكنْ سوى في عالَمٍ
أسميتُهُ للعاشقين فؤادا
و ختمتُ باسمِكَ بابَهُ وغلقتُهُ
و سوايَ يختمُ عبلةً و سعادا
ما غبتَ…فالروحُ الجميلةُ حرةٌ
إنَّ الهوى يتجاوزُ الأجسادا
بالرغمِ من هذا فما من مأتمٍ
في الأرض إلا قد أقام حِدادا
بالأمس لم أكتبْكَ…حرفيَ غارقٌ
في زفرةِ النوّاحِ…لَم يتمادى
واليوم حاولتُ القصيد لعلني
بالرغمِ منّي أستطيعُ جَوادا
أشتاقُ ذاك الطيب حين أشمُّه
في كفِّه و أقبِّل الكُبّادا
أشتاقُ ذاك النحو حين يسوقُه
عن سيبويهِ و الخليلِ مهادا
أشتاق ذاك الشعر يشدو بلبلاً
قد أبدع الإلقاء و الإنشادا
و أراهُ في كل الزوايا حيثما
دار الفؤادُ و قلّبَ الأبعادا
وأراهُ في كل العيون و لا أرى
درب الوصال و لا أرى ميعادا
أشتاقُ للحلمِ الجميلِ و لم يكنْ
لمّا أراهُ يقبّلُ الأحفادا
ذكرتْكَ محرمُ عندما ودّعتَها
و حَنتْ عليك مدامعاً و سُهادا
و نعاكَ بالوادي المقدّسِ منبرٌ
لا زلتَ في أصدائه تتنادى
و رثاكَ بالعلياء موضعُ مجلسٍ
ألّفتَ بين النافرَينِ وِدادا
بدّدتَ بالحكمِ الرشيدِ و بالهدى
و البسمةِ الوضّاءةِ الأحقادا
ما مُتَّ يا أبتي و ذكرُكَ عاطرٌ
في كلٍّ صبحٍ يبدأُ الميلادا
إسماعيل بن محمد الرواحي
يوم السبت
١١/ رجب /١٤٤٣ هـ
١٢/ ٢/ ٢٠٢٢ م