لم يكن محمد بن حمود الرواحي مجرد صديق عابر أو زميل دراسة تنساه بتطاول الزمان وتباعد الأيام بل يكفي أن تراه مرة واحدة فقط فينغرس له في سويداء الفؤاد محبة وشوق عارم للقائه فهو كالبستان اليانع الثمار بمختلف أصنافها، لا يمل حديثه لعذوبته ولا تستثقل الجلوس معه لخفة روحه المرحة، صاحب دعابة يجعلك تضحك ولو كانت هموم الدنيا على كتفيك، صاحب بلاغة وبيان اذا تحدث وددت لو طال حديثه فليله أقصر من ليل العشاق، متدفق بالحديث يبز الناطقين ولا تعوزه العبارة، حاضر البديهة، لا تفوته الدعابة إذا حان حينها، يحسب من كثرة دعابته متهتكا ويصده عن مثله الإسلام، خير الأصحاب إذا نطق، زاملته أيام دراستي بمعهد العلوم الشرعية ثم تلاقينا بالماجستير بجامعة نزوى ثم واصلنا الدكتوراة معا بالمملكة المغربية، وحظيت بالسفر معه إلى مصر التي كان يطربنا فيها بصوته العذب وهو يصلي بنا الصلوات أو هو يترنم بقصائده الغر أو يردد أشعاره المحفوظة ومنها قصيدة حمود العيسري التي قالها في مصر :
إذا قيل فيك الشعر يا مصر أطربا *وأشجى فما أحلى القوافي وأعذبا
وكم ضحكنا على قصيدته المسماة (السكتون) في الإصلاح بين الزوجين، كان الرجل باختصار متعدد المواهب، خفيف الظل، واسع المعرفة، رحب الصدر، سمحا، كريما، خطيبا مفوها، اشتغل في محكمة سمد فكان يذلل للمراجعين الصعاب ويصلح بين المتنازعين، ثم انتقل للتدريس بجامعة نزوى فكان خير من درس، قريبا من الطلاب حتى ملك عليهم قلوبهم فتنافسوا على حضور دروسه لا يكادون يفوتون منها شيئا، رحمك الله يا أبا العز، عست كريما ومت صابرا محتسبا، وعسى بلقاء على سرر متقابلين بإذن الله.
حمد بن مبارك الرشيدي