لا يقتصر دور الإعلام الحكومي أو الخاص على إيصال رسائله إلى المواطن أو المُقيم، إنما إيصال رسائل المواطن إلى المسؤول، ولأنَّ الصحافة- والإعلام عامة- إحدى الأدوات الرقابية، فقد سُميت بـ”السلطة الرابعة”، ومن هنا اعتمد الناس على وسائل الإعلام لتوصيل رسائلهم، لعلها تصل للمسؤول، ويكون لها أثر، ويرفع الضرر عن فرد أو مؤسسة أو بلدة معينة أو قضية ما.
وقبل أسابيع بدأ بث برنامج عبر تلفزيون سلطنة عُمان بعنوان “مع الشباب” يُديره وينظمه فريق عمل محترف؛ ويتخذ من جامعة السلطان قابوس موقعًا لأستديو البرنامج، ونجح البرنامج في استضافة عدد من الشخصيات الحكومية للتحدث إلى الشباب مباشرة، وهذه خطوة ناجحة وموفقة وفي الوقت الصحيح، ويمكن وصف الخطوة بأنها صائبة لأسباب عديدة، نذكرها فيما يلي:
التوقيت؛ حيث تنتشر السلبية بين أوساط مختلفة من أفراد المجتمع لأسباب عديدة، لذلك لابُد من ابتكار قناة اتصال موثوقة بين أفراد المجتمع والمسؤولين الحكوميين، وهذا هو التوقيت المناسب لمثل هذا النوع من البرامج التفاعلية، وقناة إضافية لتوصيل الرسائل التبادلية فيما بين الطرفين.
عنوان البرنامج؛ فعنوان مثل “مع الشباب” يستهدف أهم فئات المجتمع، وهم فئة الشباب التي تشكل أكثر من 60% من سكان السلطنة، فمن حق الشباب أن يوصلوا رسائلهم وتطلعاتهم وأحلامهم، ومن حقهم أن يعلموا ما هي الرؤى الوطنية والخطط والبرامج والمبادرات الحكومية، ومن واجب الدولة الاستماع إليهم واستيعابهم وإشراكهم، وإلا فإن المغريات والبدائل كثيرة.
التفكير الاستباقي: لا يمكن للتلفزيون الرسمي أن يبث برامج ذات صبغة تقليدية مُعينة في كل برامجه في مجتمع حي وديناميكي، هذا المجتمع يعيش تارة أيامًا جميلة، وتحديات تارة أخرى، وإن لم يستطع التلفزيون الرسمي معايشة الواقع بصوره المختلفة حلوها ومرها، فلن يستطيع إقناع المجتمع بأنه ممثل حقيقي له، ولن يبقى من مشاهديه إلا القلة، وسوف يذهب المشاهدون لمن يمثلهم، ويستطيع إرسال صوتهم.
كسب الثقة: مثل هذا البرنامج له فوائد مشتركة؛ فالحكومة يمكن أن تستفيد لسد الفجوة بينها وبين أفراد المجتمع، واعتبارها إحدى الأدوات لهذا الهدف، والمسؤول الحكومي تتولد لديه الفرصة لإيصال إنجازاته للمجتمع من ناحية، والاستماع المباشر إلى الناس ومطالبهم المنوعة من ناحية أخرى، واستفادة المواطن تكمن في التواصل المباشر مع المسؤول الحكومي بعفوية وبدون حواجز إدارية، والجمهور يستفيد في التعرف على المستجدات من توجهات وسياسات في البلاد، فالمصلحة مشتركة ومثرية للجميع.
إنَّ برنامج “مع الشباب” بفكره وطاقمه ومكوناته المختلفة يمكن أن يكون برلمانًا شفافًا لأهم فئة في عُمان وهم الشباب، مع كامل احترامنا وتقديرنا لجميع الفئات السنيّة، حيث إنَّ للشباب الحق في التعرف إلى أين تتجه بهم الخطط الحكومية، عليه، ومن الضروري تسويق البرنامج بشكل مكثف، واستيعاب مزيد من شرائح المجتمع، وتمديد حلقاته حسب الحاجة، وإخراجه للناس بشكل عصري يحمل روح الشباب دون تكلف أو بهرجة مادية أو معنوية، علاوة على تنويع الاستضافات لكل من هو معني بملفات الشباب الاجتماعية والاقتصادية والفكرية، فمثل هذه البرامج هي الأكثر متابعة ومصداقية، ووُجدت كي تستمر.
خلفان الطوقي