دشنت المؤسسة العامة للمناطق الصناعية (مدائن) أمس رؤيتها المستقبلية “مدائن 2040″، والتي تهدف إلى إيجاد مدن أعمال بهوية عمانية وبمقاييس عالمية، وأن تكون الذراع الحكومي المعزّز للتنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة والمستدامة عبر الشراكة مع القطاع الخاص، وتطوير وتشغيل مدن أعمال متكاملة الخدمات، وذات سرعة استجابة للمتغيرات، وتعتمد على أفضل الحلول والتقنيات لتلبية متطلبات الأعمال مع مراعاة المعايير البيئية.
رعى الاحتفالية معالي قيس بن محمد اليوسف وزير التجارة والصناعة وترويج الاستثمار، وبحضور عدد من أصحاب المعالي والسعادة والمسؤولين في القطاعين العام والخاص.
وخلال الاحتفالية تم الاعلان عن أحد مشاريعها الجديدة في محافظة شمال الباطنة، مشروع مدينة صحار للسيارات “موتكار” بمدينة صحار الصناعية، وهي مدينة متكاملة متخصصة في تجارة السيارات وكل ما يتعلق بالسيارات من قطع غيار وإكسسورات وخدمات، وسيقام المشروع على مساحة 983 ألف متر مربع، ويضم المخطط العام المقترح للمشروع ساحة تخزين مسورة، ومعارض سيارات، ومنطقة خدمات، ومول سيارات، وإدارتي المرور والجمارك من شرطة عمان السلطانية، ومعرض للمعدات والآليات الثقيلة، ومعرض قطع غيار، ومحطة خدمات السارات، ومحطة لفحص السيارات، ومصنع لهياكل السيارات، حيث تسعى مدائن من خلال مشروع “موتكار” أن يكون مركزا إقليميا لاستيراد وإعادة تصدير السيارات والآليات وكل ما يتعلق بها من وإلى مختلف دول العالم، وخاصة منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ومشروع “نافذ عمان”، وهو نظام للتحكم وإدارة دخول وخروج المركبات من وإلى كافة المدن الصناعية الحالية والمستقبلية التابعة لمدائن وتشغيله على المدى الطويل، حيث يأتي هذا المشروع الذي وفّر أكثر من 100 فرصة عمل للعمانيين في مرحلته الأولى وبحجم استثمار يبلغ 10 مليون ريال عماني، يأتي ضمن سعي المؤسسة المتواصل لتطوير خدماتها المقدمة لمستثمريها وجذب المزيد من الاستثمارات الصناعية، ويعد المشروع ركناً أساسيا من الاستراتيجية التطويرية للبنية الأساسية للمدن الصناعية لجعلها مواكبة لعجلة التطور التكنولوجي ولتوفير خدمات القيمة المضافة، وتسهيل العمليات والإجراءات للمستثمرين وعملائهم، كما أن إدخال وتطبيق هذا النظام التكنولوجي الحديث ضمن كافة المدن الصناعية سوف يساهم في تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة التي تسعى إليها السلطنة، ليس فقط من خلال إعطاء ثقة أكثر في الخدمات التي تقدمها مدائن لتحفيز جذب وتوسيع الاستثمارات الأجنبية وتوطين رأس المال الوطني وإيجاد فرص عمل جديدة للكوادر الوطنية، وأيضا لما سيوفره من فوائد تعود على قطاع النقل وبالأخص الشاحنات من خلال تنظيم وتسهيل عملها ومنع الازدحام المروري في المحافظات والمدن الصناعية في السلطنة والمحافظة على البنية الأساسية. كما أعلنت مدائن خلال الحفل عن استكمال مشروع مركز الخدمات (مسار) وافتتاحه رسمياً في جميع المدن الصناعية التابعة لها خلال العام الجاري، وذلك بعد افتتاح المشروع في مدينتي الرسيل وصحار الصناعيتين مع نهاية العام الماضي، والمشروع عبارة عن نافذة استثمارية بنظام موحد لتيسير وتبسيط إجراءات حصول المستثمر على جميع الموافقات والتصاريح والتراخيص اللازمة لمشروعه الاستثماري في محطة واحد ومدة زمنية محددة، وذلك بهدف تشكيل منظومة من الخدمات المتكاملة التي يحتاجها المستثمر لتكوين وإيجاد قيمة مضافة لبيئة أعمال جاذبة للاستثمارات في السلطنة.
تعزيز تنافسية السلطنة
وأوضح سعادة الدكتور صالح بن سعيد مسن وكيل وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار للتجارة والصناعة، رئيس مجلس إدارة “مدائن”، في كلمته بأنه قد تم العمل على إعداد رؤية مدائن 2040 تنفيذا لتوجيهات مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ والتي تقضي بقيام جميع الوحدات والمؤسسات والأجهزة الحكومية بإعداد استراتيجياتها طويلة الأمد وموائمة خططها بما يتماشى مع رؤية عمان 2040، حيث جاء إعداد وثيقة رؤية مدائن 2040 متوافقا مع الرؤية الوطنية عمان 2040، مشيرا إلى أن رؤية مدائن 2040 لم تكن وليدة لحظة؛ بل نتاج عمل استمر لأكثر من عام تم خلاله الارتكاز على تحليل الأولويات والاستراتيجيات الوطنية وفلسفة رؤية عمان 2040، وبناء استراتيجيات وأهداف مؤسسية تساهم في تحقيق الأهداف الوطنية، حيث تهدف مخرجات رؤية مدائن 2040 إلى تعزيز تنافسية السلطنة في جذب الاستثمار الأجنبي وتوطين الاستثمار المحلي وتعزيز الإنتاج الصناعي وزيادة الصادرات العمانية وتوفير فرص العمل وزيادة مكونات التنمية الاقتصادية والاجتماعي الشاملة في جميع محافظات السلطنة، وذلك من خلال تأكيد هذه الوثيقة على إيجاد مدن أعمال بهوية عمانية وبمقاييس عالمية أساسها الشراكة بين القطاعين العام والخاص وتتماشى مع نهضة عمان المتجددة تحت ظل القيادة الحكيمة لمولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق آل سعيد، حفظه الله ورعاه.
وأشار سعادته إلى أن مدائن تمكّنت من جذب وتوطين استثمارات خلال خطتها 2011-2020 بما يزيد عن ثلاثة مليار وثلاثمائة مليون ريال عماني، وبنسبة تحقيق للقيمة المستهدفة تجاوزت 72%، ليتجاوز إجمالي حجم الاستثمارات الموطّنة في جميع المدن الاقتصادية التابعة لمدائن ستة مليارات وثمانمائة مليون ريال عماني، وفي مؤشر القوى العاملة، تمكّنت مدائن من تحقيق ما يزيد عن 70% من القيمة المستهدفة، فقد وفّرت ما يزيد عن أربعين ألف فرصة عمل خلال سنوات الخطة، حيث كان إجمالي القوى العاملة مع نهاية 2010 م 22 ألف عاملا، ليتجاوز عدد العاملين في المدن الصناعية مع نهاية 2020 الـ 62 ألف عاملا في جميع المشاريع الاستثمارية الموطنة، ونتيجة للسياسات المعتمدة في مدائن؛ اقتربت نسبة التعمين مع نهاية العام 2020 من 35%، حيث يعمل في مدائن اليوم أكثر من 21 ألف عماني. وفي مؤشر عدد المشاريع، اقتربت مدائن من تحقيق نسبة 85% من العدد المستهدف، حيث تمكنت خلال سنوات الخطة المشار إليها آنفا من توطين ما يربو عن 1650 مشروعا بمختلف القطاعات لتقترب من حاجز 2400 مشروع، مؤكداً أنه خلال مدة هذه الخطة، استمرت مدائن بخططها في استكمال البينة الأساسية والفوقية التي تحاكي أفضل الممارسات وفق الإمكانيات المتاحة، حيث شهدت سنوات الخطة تطوير مدينة سمائل الصناعية بأكملها، لتكون أول مدينة اقتصادية في السلطنة تطور على مرحلة واحدة، وكذلك عملت على تطوير المرحلة السابعة في مدينة صحار الصناعية، والتي تمتد على مساحة تقترب من ثمانية مليون متر مربع، وكذلك تطوير توسعات مدينة ريسوت الصناعية والمرحلتين الأولى والثانية بالمنطقة الحرة بالمزيونة واستكمال التطوير في كل من المدن الصناعية في البريمي وصور ونزوى، بالإضافة إلى ذلك، استكمال المخطط الشمولي لواحة المعرفة مسقط، وفي مجال توفير متطلبات الأعمال وتعزيز تنافسية مدائن، فقد أنجزت المؤسسة وبالشراكة مع القطاع الخاص المدن العمالية في كل من مدن الرسيل، صحار وريسوت الصناعيات، وكذلك مباني الخدمات في كل من واحة المعرفة مسقط ومدينة صحار الصناعية، علاوة على أن العمل جاري وفي مراحل متقدمة في مباني الخدمات والتسهيلات في كل من مدن سمائل والرسيل الصناعيتين وكذلك المنطقة الحرة بالمزيونة.
ملامح 2040
من جانبه، قال هلال بن حمد الحسني، الرئيس التنفيذي لـ “مدائن” أن رؤية مدائن 2040 ترتكز بشكل واضح على الأولويات والأهداف الوطنية التي تعمل رؤية عمان 2040 على تحقيقها خلال المرحلة القادمة، حيث تقوم الرؤية على تحديد 26 هدفاً وسياسة مؤسسية ونعتزم من خلالها على تنفيذ 42 برنامجاً و384 مشروعاً تمت جدولتها زمنياً، كما أن المؤسسة جعلت من هذه الرؤية قابلة للقياس بمؤشرات رقمية محددة بحلول عام 2040، حيث تسعى إلى جذب وتوطين استثمارات أجنبية ومحلية بحجم استثمار يصل إلى 15 مليار ريال عماني، وتوطين مشاريع مختلفة يصل عددها مع نهاية الخطة إلى 10 آلاف مشروع في مختلف المجالات، ومنها توطين مشاريع صناعية يصل عددها إلى 6500 مصنعاً توفر فرص عمل لما يقارب الـ 270 ألف عامل.
وأوضح الرئيس التنفيذي لـ “مدائن” تتمثل أبرز مشاريع رؤية مدائن 2040 في استكمال تطوير المدن الصناعية في كل من صور، البريمي، صحار، ريسوت، نزوى، المنطقة الحرة بالمزيونة، وواحة المعرفة مسقط، والبدء في إنشاء مدن صناعية ومدن أعمال جديدة في كل من عبري، ثمريت ، شناص، المضيبي، والروضة إلى جانب إنشاء مجمعات صناعية متخصصة في جميع المدن الصناعية مثل مجمع الصناعات البلاستيكية في مدينة صحار الصناعية، مجمع الصناعات الدقيقة وتقنية النانو في مدينة صور الصناعية، مجمع للصناعات الدوائية، مجمعات لصناعات الغذائية في كافة المدن الصناعية)، مجمعات لصناعة المشغولات المعدنية في أغلب المدن الصناعية، ومجمعات للصناعات الخفيفة في كافة المدن الصناعية، علاوة على إيجاد مجمعات لوجستية متخصصة في كافة المدن الصناعية، كما تتضمن رؤية مدائن 2040 إنشاء مدن عمّالية و سكنية في جميع المدن الصناعية والاقتصادية التابعة لمدائن، مجمعات للخدمات، وإيجاد مشاريع الطاقة البديلة (الخلايا الشمسية ) في جميع المدن الصناعية.
وأكد هلال الحسني على أن ما وصلت له “مدائن” وما خططت أن تصل إليه من خلال هذه الرؤية هو نتاج لأكثر من ثمانية وعشرين عاما من العمل، حققت خلالها انتشارا في كافة أرجاء السلطنة، وعملت باستمرار على تعزيز مكانة عمان كمركز إقليمي ريادي في مجالات التصنيع، وتقنية المعلومات والاتصالات، والابتكار، والتميز في مبادرات الاعمال، وذلك عبر جذب الاستثمارات الصناعية وتقديم الدعم المتواصل لها من خلال وضع الاستراتيجيات التنافسية إقليميا وعالميا، وإيجاد بنية أساسية متطورة، وتوفير خدمات القيمة المضافة، وتسهيل العمليات والإجراءات الحكومية، آملاً من خلال هذه الرؤية “أن تكون مدن أعمالنا من أهم الوجهات الاستثمارية للمستثمر المحلي والأجنبي، وأن تواصل تحقيق أهدافها المتمثلة في جذب الاستثمارات الأجنبية للاستثمار بالسلطنة وتوطين رأس المال الوطني، وتحفيز القطاع الخاص للمساهمة في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة والشاملة، وكذلك إدخال التكنولوجيا الحديثة وإكساب العاملين المهارات الفنية اللازمة لتطوير إنتاجهم، وبالتالي إيجاد فرص عمل جديدة للكوادر الوطنية، وتشجيع الصادرات وتنمية التجارة الدولية وتشجيع إقامة الصناعات التصديرية، علاوة على تنشيط القطاعات الاقتصادية العاملة بالسلطنة مثل: قطاع النقل، والقطاع المصرفي، والقطاع السياحي، وغيرها من القطاعات”.