تتردد في العالم العربي عبارة تقول: «أمة اقرأ لا تقرأ» إلا أن هذه العبارة المحبطة لا تستند إلى أكثر من انطباعات شخصية في ظل غياب الدراسات الحقيقية التي تقيس معدلات القراءة في العالم العربي وتوجهاتها.
ويردد كثيرون أن معدل القراءة في العالم العربي لا يتجاوز 6 دقائق فقط! لكن هذا الرقم أيضًا لا ينطلق من أي دراسة إلا تلك المقولات الانطباعية التي أشرنا إليها سابقًا.
وفي عام 2016 أُجري استطلاع رأي في أوساط بعض الجامعات العربية لمعرفة مؤشرات القراءة في الوطن العربي حيث خلص الاستطلاع إلى أن متوسط القراءة السنوي في الوطن العربي يصل إلى 35 ساعة سنويًا وأن معدل الكتب التي يقرأها العربي سنويًا تصل إلى 16 كتابًا، لكن هذه الأرقام تحتاج إلى تأكيدات أكثر حول الدراسة ومجتمع الدراسة لأن معارض الكتب في العالم العربي تعطي انطباعًا مختلفًا لهذه الأرقام.
لنأخذ على سبيل المثال معرض مسقط الدولي للكتاب الذي يشهد كل عام كمية مبيعات فردية عالية جدًا ومن بين أكبر معدلات الشراء الفردي في معارض الكتب في العالم العربي.
واقتناء الكتب يقابله بكل تأكيد قراءة يمكن رصد الكثير من تفاصيلها في المنتديات الثقافية التي تنظمها المؤسسات الثقافية وفيما يكتب في وسائل التواصل الاجتماعي وفي الصحف ما يدل أن مقولة «أمة اقرأ لا تقرأ» مقولة لا تخلو من التجني على «أمة اقرأ» بهدف تكريس فكرة عدم القراءة.
زيارة واحدة لمعرض الكتاب في الفترة الصباحية حيث يخصص المعرض لطلاب المدارس تكشف خلافًا للمقولة السابقة، أما في الفترات المفتوحة فإن كمية المبيعات الفردية الضخمة تكشف عن مجتمع قارئ، ولم يعد الكتاب الذي يشد القارئ العماني هو الكتاب الديني أو الأدبي واللغوي فقط بل إن الكتاب الحديث تحول ليكون أكثر الكتب مبيعًا ويدخل ضمن الكتاب الحديث الكتاب العلمي، والكتاب السياسي، والكتاب الفلسفي، والكتاب الأدبي وبشكل خاص الروايات التي تلقى رواجًا كبيرًا جدًا بين جميع الفئات العمرية الزائرة للمعرض.
إذن «أمة اقرأ تقرأ» والعمانيون يقرأون جيدًا، ويؤكد الناشرون في كل عام أن العمانيين هم سبب إنجاح أكثر من معرض في منطقة الخليج بسبب إقبالهم الكبير على شراء الكتب.
ويمكن أن يكون للمركز الوطني للإحصاء والمعلومات مشروع يدرس فيه إقبال العمانيين على القراءة ومعدلاتها وتوجهاتها سواء بين طلاب المدارس أو طلاب الجامعات وبين جميع فئات المجتمع.
وهذا الاستطلاع لو نفذ على نطاق واسع فمن شأنه أن يكشف عن حقائق مختلفة عن تلك الحقائق النمطية التي تسود في العالم العربي دون أدلة علمية.
