أعلنت وزارة العمل زيادة رسوم مأذونية العامل الوافد ليصل بعضها إلى 2000 ريال عماني، كما أعلنت ضمن خطتها للعام 2021 توظيف وإحلال اكثر من 32 ألفا من الشباب العُماني ليحل محل الوافدين، وخطة طموحة لتدريب عشرات الآلاف من العمانيين بكافة أنواع التدريب المباشر أو المقرون بالتشغيل أو على رأس العمل، كما أعلنت عن مبادرات وتشريعات وإجراءات عديدة، هدفها تحرير سوق العمل والشفافية وسرعة إنجاز العمل، وقلة التدخل البشري في المعاملات.
القرارُ الذي استوقفَ العديدُ من أصحاب الأعمال هو زيادة رسوم مأذونية العامل الوافد، والذي كما هو واضح أنَّ الحكومة تسعى لتحقيق عدة أهداف مباشرة؛ وهي: زيادة فرص العمل لتذهب للعمانيين، وإيصال رسالة لأصحاب العمل بأن الأولوية لأبناء وبنات عُمان، وإن لم يتوفروا في سوق العمل، يمكن اللجوء إلى الوافد، والهدف الثاني تضييق الخِناق على تُجَّار الشنطة أو من يسمونهم (تجار المأذونيات)، ومن خلال الرسوم العالية، فإنَّ هذه التجارة لن تؤتي ثمارها، وسوف تنتهي بمرور الوقت، والهدف الثالث زيادة الدخل مباشرة لخزينة الدولة.
أما بعض أصحاب الأعمال، فيرون قرارَ زيادة رسوم مأذونية الوافد من جانب آخر زيادة للكُلفة التشغيلية، مما يعني قلة موقعنا التنافسي محليا وإقليميا، وأن هذه الزيادة تقلل جاذبية سوق السلطنة للاستثمار الأجنبي، كما تُسهم في هجرة الاستثمار المحلي إلى أسواق أخرى أو قطاعات أخرى كالاستثمار في الأسهم والسندات في الأسواق العالمية، أو حتى وضع أموالهم كوديعة بنكية أو اللجوء لتقليص أعمالهم الحالية، والذي بدوره سوف يقلل النشاط التجاري، وبالتالي تقليل فرص العمل بدلا من نموها.
وهناك تخوُّف إضافي من أصحاب الأعمال وهو القانون الذي بدأ تطبيقه هذا العام 2021 في حرية تنقل الموظف الوافد من جهة إلى أخرى بحرية تامة، أو ما يسمى اختصارا (NOC)، فبعد المصاريف المدفوعة العالية، يمكن للوافد أن ينتقل بكل سهولة، وخسارة ما تمَّ دفعه له لصالح الغير، وأحد الهواجس أيضا أنَّ الرسوم الحالية سوف تُسهم في هجرة الوافدين من السلطنة، وتأثر أصحاب العقارات ومحلات التجزئة والمطاعم والمراكز التجارية المملوكة من العُمانيين، خاصة وأنَّهم يعانون من المطالبات البنكية منذ عام 2015، وزادت معاناتهم أضعاف ذلك مع قدوم فيروس كورونا في العام 2020 واستمراره إلى يومنا هذا.
وأحد الهواجس الجديرة بالذكر أصحاب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الذين يرون أنهم لن يستطيعوا دفع هذه المبالغ العالية، خاصة بعد مرور فترة السماح أو بعد زيادة عدد العمالة عن عدد معين، خاصة وأنَّ الدفع يكون مُقدَّما، ولا يعلمون إن كانوا سيحققون أرباحا أو يتكبدوا خسائر مالية إضافية، والتخوف الأخير الذي يهم المستهلك (مواطنا أو مقيما) أنه هو من سوف يدفع هذه المبالغ من خلال الارتفاع التلقائي لكلفة الخدمات والسلع، في وقت عصيب يشهد رفع الدعم التدريجي لتعرفة الكهرباء والمياه، وتطبيق ضريبة القيمة المضافة وضريبة السلع الانتقائية وضريبة السلع المحلاة ومشروبات الطاقة.
فهل التوجُّه الجديد لوزارة العمل سوف يحقِّق التوظيف للعُماني الجاد؟ وهل سنستطيع أن نوازن بين توظيف العماني وجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة؟ وتوطين الاستثمار المحلي وعدم هجرته أو تقليصه؟ وطمأنة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بأنَّ التوجه الجديد لن يضرهم في شيء؟ وهل بهذا التوجه ستكون عمان وجهة تنافسية كما يراد لها في رؤية عمان 2040؟ وهل الرسوم الجديدة لن تؤثر سلبا على القوة الشرائية للمواطن والمقيم؟ وأخيرا.. هل سيتم القضاء على تجار المأذونيات وطرق التحايل من داخل الوزارة وخارجها؟ لننتظر 90 يوما، ونرى!!
خلفان الطوقي