.. مرت علينا الذكرى الأولى لرحيل سلطان السلام وباني نهضة عمان السلطان قابوس طيب الله ثراه، وما أجدر بنا نحن أبناء عمان أن نخصص جزءا من هذه الذكرى للدعاء واستلهام سيرة هذا الزعيم الذي نذر نفسه في سبيل عمان منذ تسلم مقاليد الحكم في عمان عام ١٩٧٠ ولغاية رحيله في يناير ٢٠٢٠م رحمه الله وأكرم مثواه، ولا شك أن عمان لم ولن تنسى مواقفه وذكرياته ومنجزاته التي سطرت عهدا عظيما من أعظم العهود التي مرت في تاريخ عمان، نظرا لما حققه من نقلة تاريخية غيرت وجه الحياة في عمان، وهكذا قضت مشيئة الله بأن يتحقق لهذا الوطن العزيز وهذا الشعب الوفي تحولا تاريخيا ليشهد بناء منظومة الدولة بكل مؤسساتها، فكرس مفهوم دولة المؤسسات والقانون مما انعكس ذلك على حياة العمانيين، كما أعاد صياغة اسم عمان في المنظومة الدولية، فكسبت عمان الاحترام، وأصبحت منارة يتطلع إليها الاقليم والعالم أجمع .
عندما تمر علينا ذكرى هذا القائد الخالد الذي يملأ وجدان كل العمانيين من أقصى عمان الى اقصاها، لنقف لحظة في تأمل في الذكرى الاولى لرحيل السلطان قابوس ليس لمعايشة الحداد بل لتقديم صورة وواقع يلائم ذلك المقام الكبير الذي كرس حياته في سبيل عمان، وهنا نؤكد على أن الدور الاعلامي يعتبر دائما نبراسا في تقديم الصورة بمختلف جوانبها، لذلك ينبغي أن يكون الحضور الاعلامي في هذه الذكرى لتأبين السلطان قابوس بشكل أوسع من حيث تقديم حلقات مسلسلة في ذكرى رحيله لابراز تاريخه ومنجزاته وإعادة الذاكرة الى ما تحقق خلال الخمسة عقود الماضية، نظرا لأهمية الدور الاعلامي في هذا الصدد، ووفاء” لقائد مسيرة عمان الذي كان له القدر الأوفى في خدمة هذا الوطن العزيز، فأراد الله سبحانه أن تكون رسالته مكتملة بعد (٥٠) عاما قضاها في الحكم، كما أن السلطان قابوس رسخ مدرسة متكاملة الفكر والحكمة، وهو ما ينبغي أن يتم غرسه في الاجيال العمانية والعربية على السواء للاستفادة من هذا المورد الوفير، فطالما رددنا تلك المقولات والخطابات السامية التي نحن بحاجة إلى استلهام دروسها كمرجع وطني .
نعم قابوس خالد” في ذاكرة ووجدان أبناء عمان ولا شك أن دعائهم لم ولن ينقطع باذنه الله، ونأمل أن يستكمل الاعلام بشتى مصادره ووسائله (في ذكرى رحيله) استعادة منجزاته وخطاباته ومقولاته ولقاءآته وجولاته السامية التي قدمت نموذجا من نماذج الحكم الرشيد، ورسخت نموذجا للفكر السديد، فما أحوجنا الى استعادة ذلك الارشيف العظيم من تجربة السلطان قابوس طيب الله ثراه، ومواكبة الايام المصاحبة لذكرى رحيله من كل عام لتقديم اسبوع ثقافي على مختلف وسائل الاعلام كافة، والتذكير بالدعاء الخالص له رحمه الله، فقد كان له فضل على عمان لا يمكن أن ننساه، وعلينا رد الوفاء بالدعاء له دائما، ونذكر أبناء هذا الوطن بتاريخ تجربته واستعادة أرشيفه الوطني نظرا لما حققه من منجزات وتحولات عصرية، وما رسخه من نهج سديد في خطبه ومقولاته الخالدة، وما أسسه من فكر سام يعتبر منارا لابناء عمان طوال التاريخ .
أخيرا نسأل الله سبحانه لوالدنا قابوس الرحمة والغفران، اللهم انزله منزلا مباركا في جنات ونهر مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا، اللهم انك تعلم ما قدم لعمان وأهلها وأنت علام الغيوب فأجزه عما قدم خير الجزاء، اللهم أكرم من جاء ببابك يرجو رحمتك وغفرانك ورضوانك، اللهم اعفو عنه وأكرم نزله بما أنت أهله وأنت أرحم الراحمين وأكرم الأكرمين، اللهم آمين يارب العالمين والحمد لله رب العالمين .
خميس بن عبيد القطيطي