تعطينا الأرقام دائمًا مؤشرات حقيقية نستطيع من خلالها دراسة حركة الأشياء صعودًا أو هبوطًا. ويقول أهل الرياضيات إن الأرقام وحدها التي لا تكذب. ولأن الأرقام كذلك، فإن خبرًا نشرته أمس وكالة الأنباء العمانية حول ارتفاع إجمالي المؤسسات الصغيرة والمتوسطة المسجلة بهيئة تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في سلطنة عُمان يكشف لنا الكثير من الحقائق. من بين هذه الحقائق أن الاقتصاد العماني في طريقه للانتعاش والنمو خلال المرحلة القادمة أكبر حتى من التوقعات المرسومة، ويعود ذلك إلى منظومة القوانين الجديدة، وإلى تسهيل وتبسيط إجراءات الاستثمار إضافة إلى المشاريع التي تشهدها البلاد مدعومة بتعافي جميع القطاعات بعد بدء انجلاء الجائحة كذلك مدعومًا بتحسن كبير في أسعار النفط. أما الحقيقة الثانية فتتمثل في أن هناك توجهًا من الشباب العماني نحو بناء مؤسساتهم الخاصة ليصبحوا أصحاب أعمال لا موظفين حكوميين أو حتى موظفين في القطاع الخاص.
تقول الأرقام إن عدد المؤسسات المتوسطة والصغيرة ارتفع من 49 ألف مؤسسة إلى 66 ألف مؤسسة بناية شهر يناير الماضي وفق البيانات الصادرة عن المركز الوطني للإحصاء والمعلومات. هذا الرقم يقول الكثير عند البحث في تفاصيله الدقيقة وعند استقصاء نوعية المشاريع الجديدة التي تم تسجيلها. ولا ننسى أن الحزم الاقتصادية التي قدمتها الدولة خلال العامين الماضيين أسهمت في مثل هذا الحراك رغم كل ما يقال عما أحدثته الجائحة في هذه المؤسسات.
والملفت للنظر أن أكبر نسبة نمو سجلتها هذه المؤسسات كانت في محافظة مسندم، حيث سجلت نسبة 87% ثم تأتي بعدها محافظة ظفار بنسبة 44.2% تليها محافظة الوسطى بنسبة 41.6%. وهذه المحافظات الثلاث محافظات واعدة جدًا، وتمتلك الكثير من المقومات لإنشاء مشاريع صغيرة ومتوسطة بل ومشاريع عملاقة.
ومن مجمل كل هذه الأرقام وهذه المعرفة الأولية للمحافظات التي تركز فيها نمو المؤسسات الصغيرة والمتوسطة نستطيع التأكيد أن عجلة الاقتصاد العماني تسير بشكل جيد وعلى أسس ثابتة وفق ما أراد لها حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- وأن المرحلة القادمة ستشهد الكثير من الحراك في هذا الجانب خاصة مع تقين الشباب العماني أن بناء المشاريع الشخصية من شأنه أن يحقق الكثير من أحلام وطموحات الشاب أكثر مما يمكن أن يحققه انتظار الوظيفة.