الجزء الثاني ..
مر أربعة شبان بسيارتهم من الطريق العام القريب من بيت سلوم ، كانوا مسرعين بعض الشيء ، قفز امامهم تيس فصدموه بسيارتهم ومات التيس على الفور ، سحبوه إلى جانب الشارع واكملوا طريقهم إلى المكان الذي يسيرون عليه ، وصلوا إلى وجهتهم وأدوا واجب العزاء ثم عادوا ادراجهم بنفس الطريق الذي جاؤوا منه ، وما إن اقتربوا بنفس المكان الذي صدموا فيه التيس حتى توقف سيارتهم ، حاولوا أن يعيدوا تشغيلها لكن بدون جدوى ، فمر عليهم رجل من اهل البلده وحاول أن يساعدهم ويعرف سبب عطل السيارة ، لكنه هو الأخر لم يجد تفسير واضح للعطل ، فشاهد الرجل الضربة والإعوجاج في واجهة السيارة وسالهم ، فقالوا له إننا صدمنا ذاك التيس هناك حين مرينا من هنا قبل ساعة ونصف ، علم الرجل إن هذا التيس هو تيس سلوم ، فدلهم على بيته وقال لهم يجب عليكم ان تسوا المسألة معه وإلا لن تعود السيارة إلى حالتها ابدا حتى لو انفقتم ما انفقتم عليها من مبالغ لإصلاحها .
قبل أن يبادر احدى الرجال الأربعة قرع الجرس عند الباب الخارجي واذا بسلوم يخرج لهم ويرحب بهم ، فدار ما دار من حديث المناشدة بينهم عن العلوم والأخبار ، ثم قربهم وادناهم إليه وشربوا القهوة ، وعند ما طرحوا عليه امر التيس ضحك سلوم وتعالت ضحكاته ، واخبرهم بأن الرجل الذي دلهم عليه بلا شك كان يمزح معهم ، لكنهم اصروا على ان يسامحهم على فعلتهم بعدم السؤال عن صاحب التيس ، قال سلوم أن التيس ليس لي ولكن للبلده واهلها الاحترام والتقدير .. وكان لابد ان تدفعوا فدية التيس لصاحبة ، فانتم استحليتم ما حرم الله على الإنسان في مال اخيه المؤمن دون وجه حق ، ثم دلهم على صاحب التيس ودفعوا له المبلغ قيمة التيس ثم قال لهم سلوم الآن اذهبوا وسوف تشتغل السيارة بإذن الله تعالى ، وهكذا دار محرك السيارة من اول تدويرة مفتاح .
نشب خلاف بين أخ وأخيه بسبب فقدان ذهب زوجة احدى الاخوين ، وزوجة الأخ الصغير تتهم زوجه الأخ الكبير بسرقة الذهب ، فقام الأخوين وذهبا إلى حمدون أبا سلوم واخبراه بما حصل بين زوجتيهما وبينهما ، لكن حمدون فضل ان يذهبا إلى إبنه سلوم ، ففعلا ذلك واستقبلهم سلوم وقال لهم .. أن الذهب في غرفة زوجتك وأشار إلى الأخ الصغير .. وطلب منه ان يبحث في كبت ملابس زوجته بمحاذات ارتفاع صدره وسوف يجدهن بإذن الله تعالى ، وفعلا وجد الأخ الصغير ذهب زوجته التي كانت تُخبئه لتوقع الفتنة والبغضاء بين الأخ وأخيه ، فذاع صيت سلوم في البلاد يوما عن أخر حتى أمتدت سمعته إلى البلادين الأخر ، فكان يقصده العاني والداني ، فبلغ من الشهرة في علمه مبلغه ، وجاء اليوم الذي مات فيه شاب يوم زفافه وقبل أن يدخل على زوجته غرفتها خر ساقط فتباكاها أهله ، لكن سلوم وحمدون كانا على علم بأن الشاب تم سحره ، وخرج سلوم من بيته إلى بيت الشاب المعرس المتوفي وهنا استوقفه ابيه حمدون .. وقال له ( على هين ساير .. رجع بيتك ومالك شغل معهم .. كل هايشه ومعلقه من عراقيبها ) … لكن سلوم لم يمعن لنصائح ابيه وذهب رغم تقريع ابيه له ، وعند وصوله مع أهل النتوفي وقبل ان يقوموا بغسله استوقفهم وقال لهم .. ( ولدكم اشوفه مربوط فسمرة بالسيح ومتحاومين عليه السخرة يبيوا ياكلوه .. موه تقولوا ارده ) .. فقال ابيه وزوجته رده ولك منا ما تبا .. فضرب سلوم على وجه الشاب يمنه ويسره بكف يديه ثم فاق وكانه مغشياً عليه .
يُتبع ..
قصة للكاتب / يعقوب بن راشد بن سالم السعدي