قُلت في تغريدة على حسابي في “تويتر”: “في ظل تقاعد عدد كبير من الكفاءات الوطنية من موظفي الخدمة المدنية والدبلوماسيين والعسكريين، أقترح تأسيس بنك للكفاءات الوطنية؛ بحيث يستفاد من تجربتهم في تجويد العمل الإداري، ونقل خبراتهم للجيل الحالي، ليتمكن من أداء دوره بشكل أفضل حسب مُتطلبات المرحلة، ومواكبة الثورة الصناعية الرابعة”.. هذه التغريدة حَظيت بردود مُتباينة حول هذا المقترح للاستفادة من خبرات القيادات التي عملت طوال سنوات في الأجهزة الإدارية، وتملك رصيدا فكريا يجعلها تتربع مكانة كبيرة في مساعدة الأجيال الحالية التي تشق طريقها في العمل الحكومي. هناك من علق قائلا: “إنَّ الجيل الجديد في غِنى عن خدمات هؤلاء المتقاعدين، فقد تجمَّدت عقولهم، ولا قدرة لهم على العطاء، فقد أدوا أدوارهم، وآن الأوان لمن يُكمِل المشوار”.
التجاذب في النقاش سِمة جميلة، خاصة إذا كانت تنصبُّ في مصلحة البلد، وأن أبناء الوطن يدلون بدلوهم في طرح آرائهم وأفكارهم بكل أريحية؛ مما يجعل الحوار هادفًا وممتعًا في نفس الوقت.
أعود إلى المقترح الذي أعقبه لقاء تليفزيوني في برنامج “أخباركم”، يُقدِّمه الزميل الإعلامي سالم الرحبي وييث مباشرة على الهواء كل يوم إثنين، هذه المرة خصَّص الزميل والصديق سالم في برنامجه الجميل حلقة خاصة للحديث عن هذا المقترح “بنك الكفاءات الوطنية”، بمُشاركتي، وبصحبة المدرب في تنمية الموارد البشرية الأستاذ عبدالناصر الصايغ.
الحلقة بمُجملها كانتْ جميلة، وطرحتْ العديد من الأفكار والمقترحات حول مرحلة ما بعد التقاعد لموظفي الجهاز الإداري للدولة والمتقاعدين من القطاع الخاص.
كُنت ألحُّ على أهمية دعم المتقاعدين والأخذ بأيديهم نحو مرحلة أفضل؛ بحيث ينعم هؤلاء بالمميزات، واقترحت في هذا الصدد أهمية إصدار بطاقة تُسمَّى البطاقة الذهبية للمتقاعدين؛ تتيح لحاملها حزمة مميزات خدمية وخصومات في مُختلف الأنشطة.
أعود إلى مقترح إنشاء بنك الكفاءات الوطنية، وأعتقد أنَّ هذا المقترح مهم خلال هذه المرحلة؛ نظرا لتقاعد عدد كبير من منتسبي الأجهزة الحكومية والعسكرية، ويُمكن أن يكُون هذا البنك بمَثابة قاعدة بيانات لكل متقاعد حسب تخصصه، ويُمكن الاستفادة من خبراتهم، وهذا سيجعل عجلة الدوران مستمرة لخدمة هذا البلد، فلا يزال المتقاعد يتوقَّد طاقة حيوية ونشاطا ذهنيًّا؛ الأمر الذي يجعل منه إضافة للمنظومة الإدارية في الجهاز الحكومي والقطاع الخاص على حدٍّ سواء.
فما يُثلج الصدر أنَّ هناك اهتمامًا كبيرًا من قبل مختلف الأجهزة الحكومية لتطوير الكوادر الوطنية، ولكن هناك حاجة ماسة لتوحيد هذه الجهود لتكون تحت مظلة واحدة وجهة مركزية تستطيع أن تقود القاطرة باقتدار، وتضع الأطر المنظمة؛ من حيث التخطيط للبرامج والدورات المستهدفة لتنمية الموارد البشرية الوطنية، وتأهليها، وربطها بسوق العمل؛ فلا بُد من وجود جهة محددة مهامها التخطيط السليم؛ لما يحتاجه سوق العمل. وأجزم بأنَّ وزارة العمل بعد تشكيلها الجديد ستضع هذا الملف ضمن أولوية اهتماماتها.
جميل أنْ تتكاتف الجهود للاهتمام بتنمية الموارد البشرية، وتكون هناك منصة واحدة، ويُمكن أن يكون فكرة تأسيس بنك للكفاءات الوطنية أحد أهم مطالب تجويد العمل الإداري المؤسسي في المستقبل. ولتحقيق هذا التوجه، فلابد من تطوير المنظومة التعليمية لتتمكَّن من أداء دورها في المستقبل بشكل أفضل حسب مُتطلبات المرحلة المقبلة، والتي تُناطح ما يسمى بـ”الثورة الصناعية الرابعة”.
ما نَنشُده أهمية الاستفادة من خبرات الكفاءات الوطنية؛ فدورهم مهم خلال المرحلة المقبلة، ولعل إنشاء جمعية للمتقاعدين سوف يُعزز هذا الدور، ويرسم ويعطي للمتقاعدين ميزة جديدة من خلال استمرار مسيرتهم في العطاء.. فهل سيُلتفت لهذه المقترحات؟ أتمنى ذلك!
حمود بن علي الطوقي