الجزء الثالث ..
عندما افاق الشاب ونظر من حوله ووجد أهله يبكون وينهالون عليه تقبيل واحضان تعجب من الأمر ، يسأل سلوم وهو مبتسم الشاب .. ( هين كنت ) .. فأجاب الشاب .. ( كنت أحلم مربوط فسمرة بالسيح ومداوريبي كمين واحد .. ويتعازموا علي .. حد يقول نذبحه وحد يقول نخدم عليه ونكده ) .. فضحك سلوم ومن كان من اهله ، سلوم يعلم يقينا بأن الشاب لم يكن يحلم بل هي حقيقة ، رجع سلوم لبيته وهو مبتهج وسعيدا لانه انقذ حياة شاب كانت على شفير التغييب من الواقع إلى المجهول ، لكنه اصطدم بأبيه حمدون وهو يقف على عتبة الباب وبيده عصى من العتم ، لوح حمدون بعصاه نحو وجه سلوم فأخطأه ثم لوح عليه بالثانية فأصابه ولكن الإصابة جأت في يد سلوم الذي تعمد مسك العصى ، هناك قال حمدون لأبنه سلوم .. ( اذا قدرت تتفادا الضربة الأولى ما قدرت على الثانية .. وكذا بيسوابك اذا تعديت على عمل غيرك .. ياولدي نصحتك قبل وقلت لك لا تدخل في الشي اللي مالك فيه خصه.. وهذا بو رجعته من عند السحرة ما من بقية اهلك ولا بينك وبينهم عهد وميثاق .. اذا ما بيطيحوها فيك تراه فولادك ) ، قال سلوم .. ( أنا ما اخاف منهم وقادر عليهم بأي شي ) .. حمدون .. ( ياوادي لا تهزك قوتك وملكك .. تراك ما تعرف بو عند غيرك .. نصيحتي حالك لا تعودها مرة وتسوي بو سويته اليوم .. شوري عليك طيب ) ، هز سلوم رأسه لأبيه بالسمع والطاعة .
بالليل وسلوم في نومه ، جاءه أحد الرجال الذين اخذو الشاب وهدده وتوعده ، وفي اليوم الثاني قال سلوم لأبيه .. ( تراه الجماعة أمس بالليل زاروني .. وعقولهم كمين كلمة عن الحرام والحلال ) .. لم يعجبه حمدون ما سمع من أبنه فقد كان متأكدا بانهم لن يتركوا إبنه وشأنه ، لم يرد حمدون بشيء بل ظل ساكت يرمق سلوم بنظراته الحادة ، ذهب سلوم إلى الضاحية ليسقي القت ، وهناك خرجت له افعى كبيرة لم يكن يتصورها ابدا ، فقد كانت تدور حول نفسها وهي تقبل نحوه مسرعة كالطاحونه ، ادرك سلوم بأنها شيطان ارسل له من عند السحرة ، كان سلوم يقف بالقرب من احدى النخيل يستظل بها ، وما إن وصلت الأفعى بالقرب منه حتى رفع يده نحو النخلة ثم انزلها بقوة إلى جنبه ، فإذا بالنخلة تهوي بجذعها على الأفعى وتقسمها نصفين ثم تعود واقفة باسقة كأنها لم تسقط نهائياً ، أخذت الأفعى تتقلب في جلب القت كل نصف منها في مكان اخر ، وعندما اخذت تتقوس ظهر له الشيطان وهو مقسوم نصفين وعملاق لا يمكن حمله أبدا ، لكن سلوم فرك على خاتم ملك الشياطين فحضر مجموعة منهم واخذوا الشيطان المقتول ثم طاروا وأختفوا .
أخذ سلوم يتحدث وهو يرفع صوته يكاد يسمعه القاصي قبل الداني وهو يقول .. ( بنشوف المربيات أمي انا ولا أمهاتكم أنتوا .. هاتوا ما معكم كله .. وإذا ما نهيتكم من الدنيا كلها ما أسمي سلوم ولد حمدون ) .
يُتبع ..
قصة للكاتب / يعقوب بن راشد السعدي