الجزء الرابع ..
بينما سلوم يصرخ باعلى صوته متحدياً السحرة ، كانت هناك عجوز تراقب كل ما جرى ، فلم يكن حظ سلوم جيدا كما كان يتوقع ، فقد رأت العجوز كل ما حدث في الضاحية ، ساقها القدر وهي قادمة لتأخذ القت المجزوز لأغنامها مشهد لن تنساه ما تبقى من عمرها ، ولن تنام ليلتها هذه ولا باقي اليالي القادمة إلا وهي تحلم بما رأت عيناها ، عادت العجوز بكل هدوء إلى خارج الضاحية دون ان يحس بها سلوم ، اخذت ترتجف وهي تسير في الطريق ولم تستطع قوائمها النحيفة الهزيلة على حملها ، فتدارت عن الأنظار داخل المجازة التي كانت في طريق عودتها وهي تتوسط الفلج ، دخلت ورمت بنفسها وهي تتنفس بسرعة بالغة ، خافت أن ياتي سلوم فيراها ويدرك إنها رأته فيلحق مصيرها بمصير الشيطان .
بعد مضي ساعة تقريبا وبعد أن هدات العجوز واستقرت أنفاسها ، خرجت من المجازة وما إن أصبحت خارجها حتى تشاهد سلوم يقف فاجح رجليه على ساقية الفلج ومتكأ على نخلة البرني كسجال سحف من جبل ، تسمرت العجوز مكانها ولم تستطيع التحرك وكأنها رأت شبح الشيطان يلاحقها ، فكلمها سلوم .. ( ماه سعده من زمان انتي هنا ؟ ) ، مسكينة سعده رغم ذلك لم تنطق بكلمة واستمرت تنظر إليه في صمت ، سلوم .. ( ماه سعده تراني اكلمك .. اقول حال موه اليوم ما جيتي تشلي جزة القت ) ، هنا تحركت لسانها متأتأه .. ( تاااخرت ششششويه ولدي سسسلوم سامحني ) ، تعجب سلوم منها وادرك ان بها أمر ما ، لكنه ناولها ربطة القت التي كانت على سيوان النخلة ومد لها بها ، ثم قال .. ( ماه سعده تقدري تشليها ولا اشلها عنك .. اشوفك اليوم ما مصطحه ) ، فردت بسرعة وكأنها تريد أن تتخلص منه .. ( مصطحه ولدي مصطحه ما فيي غير الخير .. جيب أنت ربطة القت وسير .. أحسنت ) ، استغرب سلوم تصرف العجوز سعده وظن أنها ربما سمعت عن قصته مع الشاب الذي أرجعه لأهله ، مضى سلوم في طريقة وكذلك العجوز سعده .
في ذلك اليوم ذرعت العجوز سعده الحارة التي تسكن بها بيت بيت وأخبرت الجميع بما رأت بين سلوم والشيطان وقالت لهم .. ( اقول لكم سلوم مخاوي الجن .. محد يقدر يسوي بو مسوينه سلوم البر ) ، لم يصدقها أحد والسبب إنها أخبرتهم بكل صدق ما رأت خاصة مشهد النخلة وهي تنزل للأرض وتقسم الشيطان نصفين ثم ترجع مكانها كالسابق باسقة ، استهجن الجميع القصة ، والبعض ظن ان العجوز سعده بدأت تخرف ، بينما البعض الأخر قال عنها .. ( سوالف معصرات ) .. مسكينة سعده لم يصدقها أحداً ابداً بالحارة ، لكنهم أخذوا يتداولون حديث سعده وتسميتها ل سلوم ب مخاوي الجن ، فأستمرت الناس تتناقل حكاية العجوز سعده ومخاوي الجن .
يُتبع ….
قصة للكاتب / يعقوب بن راشد السعدي