على مدار السنوات الماضية زرت الدقم أكثر من مرة سوى كمهمة عمل للكتابة عن الإنجازات التي تحققت أو كسياحة للاستمتاع بالأجواء الاستثنائية لهذه البقعة من أرض عمان المعطاء.
وقبل أسبوع زرتها برفقة إخواني كسياحة وتجولت فيها وفي المناطق القريبة منها، وما لاحظته أن العجلة تمر التنموية تمر ببطء، رغم أنه مرَّ على إصدار الموسوم السلطاني لتحويل الدقم إلى منطقة اقتصادية خاصة أكثر من 10 سنوات، والمشاريع التي تقام في هذه المنطقة ما زالت محدودة، الأمر الذي يدعو إلى تعزيز الدعوات لكي تنطلق هذه المنطقة والتي تعد الأكبر على مستوى الشرق الأوسط، وأن تكون محطة جذب أنظار كبرى الشركات العملاقة العالمية. ولتحقيق هذا المطلب أجدني أقترح أن تكون منطقة الدقم العاصمة الاقتصادية للسلطنة وسبق لي أن طرحت هذه الفكرة في أكثر من لقاء مع المسؤولين المعنيين بالشأن الاقتصادي.
الدقم لكي تنهض يجب أن تواكبها قرارات جريئة؛ كونها تعد أحد أهم المناطق العمانية المرشحة لجذب الاستثمارات المحلية والأجنبية؛ فالدقم كمدينة اقتصادية- كما هو مخطط لها- يجب أن تكون محطة أنظار ليس فقط على المستوى الاستثماري والتجاري؛ بل على المستوى الوطني كونها مدينة تنبض بالحيوية وتتميز بموقعها الاستراتيجي وطقسها المعتدل على مدار السنة.
ثمّة حاجة ملّحة وماسّة أن تكون الدقم العاصمة الاقتصادية وبهذا التوجه أجزم بأن تكتمل المنظومة الاقتصادية وتكون الدقم مدينة متكاملة الأركان بها كل وسائل العيش من المرافق الحكومية الخدمية ومرافق مشجعة لاستقطاب القوى البشرية وتشجيعها نحو العيش في هذه المنطقة.
ملاحظاتي لهذه المنطقة أن المرافق الجاذبة للعيش فيها قليلة، وتحتاج في هذه المرحلة إلى بناء كل ما يساهم في جذب السكان من مختلف الجنسيات، فالسكان هم من سيحيون هذه المنطقة ولهذا يجب أن نهيئ المكان لكي يكون جاذبًا ومشجعًا على العيش فيه. وهذا لن يتحقق إلا بضرورة وضع خطة هادفة لبناء مدينة عصرية متكاملة الأركان تكون مشجعة للعيش فيها، هذه المدينة بها كافة المرافق الأساسية من المستشفيات العامة والخاصة والمدارس العامة والخاصة والمشاريع السياحية من الفنادق والمجمعات التجارية والملاعب الترفيهية وأيضاً وجود سلسلة من المطاعم السياحية والخدمات الأساسية التي يحتاجها المواطن والمقيم وحتى السائح.
ووجود كثافة سكانية في منطقة الدقم سواء مواطنين أو أجانب سوف يشجع المستثمرين على التوجه لطرق أبواب الاستثمار في هذه المنطقة فمع وجود كثافة السكانية سوف تنتعش كافة القطاعات مثل القطاع العقاري والقطاع السياحي وقطاع التجزئة وغيرها من القطاعات المساندة.
أعتقد ونحن نتحدث عن منطقة الدقم الاقتصادية علينا أن نضع في الاعتبار أنه آن الأوان أن تتكاتف الجهود على مختلف المستويات الحكومية والقطاع الخاص والمجتمع المدني للعمل كل حسب تخصصه في دعم كل ما تحتاجه هذه المنطقة، هنا ندعو أيضا الشركات العائلية الكبيرة وصناديق التقاعد وشركات جهاز الاستثمار العماني أن يضعوا جميعًا في الاعتبار توجيه جزء من استثماراتهم إلى الدقم حتى يتحقق الهدف المنشود.
الحكومة الرشيدة مشكورة استثمرت في البنية الأساسية باستثمارات بلغت ما يزيد عن 3 مليارات ريال، كما تعمل الجهات المعنية على تذليل الصعاب والعراقيل من خلال توحيد القوانين وتشجيع الاستثمارات. لكن الحكومة لا يمكنها أن تقوم وحدها بكل شيء؛ بل لابُد أن تتشكل منظومة متكاملة في تبني دفع العجلة الاقتصادية لهذه المنطقة البعيدة والمترامية الأطراف. وفي ظل وجود هذا التوجه وهذا التجاذب حتما ستأتي بعدها استثمارات مختلفة الأحجام ما هو عملاق وكبير وحتى تلك الصغيرة والمتوسطة.
القطاع الخاص العُماني مدعو بشكل كبير لأن يضع الاستثمار في الدقم ضمن أهم أولوياته خلال المرحلة المقبلة، كما إنه في المقابل على الحكومة وعلى هيئة المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم كسر الحواجز المُعقدة وتبسيط الإجراءات الحكومية وتعزيز فاعلية مشروع المحطة الواحدة وجعل القوانين الاستثمارية مُحفزة ومُشجعة.
إن المساحات الشاسعة للدقم يجب أن تواكبها المرونة في القوانين والتشريعات المنظمة، وبذلك يمكن أن نرى الدقم بشكل مختلف وتكون عاصمة اقتصادية تلقى لأجلها عصا الترحال. فهل تتحقق هذه التطلعات؟ نتمنى ذلك!
حمود بن علي الطوقي