الربح والخسارة هما شيئان لامناص من هما في هذه الحياة بل أن حركتها تعتمد عليهما وفي كل شيء ومها ربح الرابحون فيها فلا بد لهم في يوم من الايام ان يخسروا فيها ايضا والدليل على هذا الكلام هو اننا لو فكرنا مليا في لعبة كرة القدم تلك اللعبة التي تتصدر هاشتاقات العالم المعجبة بها والشغوفة بحبها فالعالم برمته على وجه التقريب متيم بكرة القدم وبكل أجوائها المليئة بالإثارة سواء أكان ذلك العشق في حالة الربح أو في حالة الخسارة.
إذن فالدرس الذي يجب أن نتعلمه من لعبة كرة القدم هو أن هذه الحياة بكل حركتها وسكناتها ليس حال إيجابي يعتمد عليه في كل مسارات ازمانها وإنما لها ايضا حال السلب والإنسان هو من يفرح لا بإجابياتها بل ويموت فرحا بها وهو أيضا من يحزن لسلبياتها بل ويذوق مرارة الحزن لتلك السلبيات وبالتالي ممكن أن نقول بسبب وجود السلب والايجاب في هذه الدنيا وتغيّر مشاعر الإنسان وتلونها بسبب تلكم الحالتين صارت جميلة في كل أوقاتها لماذا؟! لأنه لا يمكن تسيير الحياة على وتيرة الفرح بشكل دائم ولا يمكن أن تسيير الحياة على وتيرة الأحزان بشكل دائم ثم إن الحزن والفرح هما من صنع الله تعالى وقدره ولهذا نحن معنيون بهما بمعنى إننا يجب أن نفرح للفرح وأن نحزن للحزن.
فالفرح هو حالة ربح والحزن هو حالة خسارة وبينهما حالة التقبل لكليهما فالفوز على فريق خصمك في مباراة للكرة بينكما هو بمثابة فرحة لك ولفريقك وخسارة فريق خصمك منك هي بمثابة حزن له على الخسارة والعكس صحيح أيضا .
وكذلك النجاح والرسوب بين الطلبة هما حالتي فرح وحزن وبالتالي هما حالتي ربح وخسارة !! إذ أن الربح والخسارة لا يقتصران على البيع والشراء في عالم التجارة في الأسواق فحسب ! وإنما هما يدخلان في كل شيء في هذه الحياة وهناك الكثير من الآيات القرآنية التي تتحدث عن هذا الحال إذ يقول الله تعالى :- ((والعصر ¤ إن الإنسان لفي خسر ¤ إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر ¤)).
فاالله تعالى يقسم بوقت العصر إن الإنسان لفي خسران مبين ان هو قصر في تنفيذ أوامر ربه عزوجل بإستثناء المؤمنين المتقين الممتثلين لأوامر الحق المنتهين لنواهيه الذي يتواصون على فعل الخيرات وذلك بإتباع منهج الهداية الربانية ! فإنهم فعلوا ذلك فهم في حالة ربح دائم في الدنيا والآخرة وإما الذين هم بعيدين عن منهج الهداية وسبل الخير والأمان فهم في حالة خسارة دائمة في الدنيا والآخرة.
إذن الربح والخسارة هما حالتان التضاد بينهما هو أنه يمكن أن يكون الإنسان الرابح خسران ويمكن أن يكون الخسران رابحاً وهذين الحالين يتغيران بتغير المعايير لدى كل من يريد أن يربح ولدى كل من يريد أن يخسر فعلى سبيل المثال لا الحصر – المرتد – عن الإسلام هو بلا شك انه خاسر في المقابل من آتاه الله سبل الهداية إلى الإسلام وكرمه بالدخول فيه فهذا المرء بلاشك حصل على ربح عظيم ليس كمثله ربح – جعلنا الله وإياكم أجمعين من الرابحين في الدنيا والآخرة وجنبنا الخسارة في الدارين ومتعنا بحياتنا ورزقنا الحلال الطيب وجعلنا في زمرة عباده الصالحين.
فاضل بن سالمين الهدابي