الجزء العاشر والأخير ..
طلب حمدون من أبنه سلوم أن يدخل ويخرج من فتحة الإبرة التي يقبض عليها حمدون بإصبعه ، تردد سلوم كثيرا وهو ينظر إلى فتحة الإبرة الضيقة جداً ، كما إنه لم يسبق له واختبر إمكانياته او إمكانيات ملوك الخواتم التي بيده ، فكر كثيرا وهو يتحدث مع نفسه .. ( لو قلت حال واحد من ملوك الخواتم يمررني من فتحة الإبرة أكيد ابوي بيعرف .. موه الحل ياسلوم ) ، هنا جاء صوت أبيه حمدون الأجش الرخيم .. ( هاه أشوفك تشاور عمرك .. كما بو خايف .. خلا أبا اشوف اليوم علمك بو تعلمته هين وصلك ) ، لم يستطع سلوم أن يجيب أباه وظل في حيرة من أمره ، كيف يفعل وماذا يصنع حتى يستطيع المرور من الفتحة ، فعملية التلاعب ببصر والده حمدون أشبه بالإنتحار في النار ، ضحك حمدون بعد مدة وهو ينظر إلى سلوم الذي أصبح في وضع لا يحسد عليه من الخجل والعجز .
( سامحني ياأبوي ما اقدر أمر من فتحة الإبرة إلا اذا تلاعبت ببصرك ) هكذا كانت إجابة سلوم ل أبيه حمدون ، لم يكن هذا الدرس سهلا كما كان يعتقد سلوم حين وافق على التدريب على يد أبيه ، لكن الآن لا تراجع أبدا في الأمر وعليه أن يجتاز كل الإختبارات وإلا سقطت هيبته وثقته مع أبيه ، قال حمدون وهو يمسك بالإبرة ل سلوم .. ( شوف بعينك ياولدي .. فإذا بحمدون يتحول إلى شبه سراب يدخل ويخرج من فتحة الإبرة والإبرة في مكانها لا تسقط على الأرض وكأن حمدون ما يزال ممسك بها ، ذهل سلوم من ما رأت عيناه كما بلغ منه الفضل مبلغه في معرفه الطريقة او التعويذة ، بعد رجوع حمدون إلى هيئته الحقيقة اخذ يهمس في أذن سلوم عن طريقة التحول والمرور ، لكن سلوم أستغرب الهمس ، وسأل ابيه .. ( حال موه تساسرني ) ، اجاب حمدون حتى لا يسمعنا غيرنا ويتعلم منا ، وما إن بدأ سلوم في العزم على تنفيذ المهمة وحتى وصل إلى التحول إلى سراب ويقترب من الدخول إلى فتحة الإبرة ، نفخ والده حمدون في السراب فتبدد سلوم في الهواء ، وأخذ يصرخ ويصرخ والسراب يتمزق من تكوينه حتى أصبح لا يرى ، هنا ضحك حمدون ضحكات متتابعه ومضى وهو يضع الإبرة تحت حجارة كبيرة ويهيل عليها التراب ويرحل ، مسكين سلوم الطامح الحالم بالعلم والمقدرات الخارقة أصبح ضحية أبيه إلى الأبد ، وصل حمدون إلى الضاحية ونزلت السحرة التي كانت تطارد سلوم عليه ، وأخذوا يسجدون ل حمدون وكأنه يملكهم ، نعم ذهب سلوم ضحية مؤامرة أبيه مع السحرة ، فقط لأنه طلب أن يكون كأبيه ، مسكين مخاوي الجن أختفى من البلاد ولا أحد يعرف أين هو ، اخذوا أهل القرية في البحث عنه أشهر ، لم يتركوا جبل ولا وادي ولا شرجه ولا بئر إلا وبحثوا عنه فيها ، لكن مخاوي الجن رحل دون عودة .
قصة للكاتب / يعقوب بن راشد السعدي