سجلت سلطنة عمان مع نهاية الربع الأول من العام الجاري 2022 حدثين مهمين ولافتين، الحدث الأول تمثل في نجاح السلطنة في تسديد 2.85 مليار ريال عماني من إجمال الدين بنهاية الشهر الجاري لينخفض إلى 19.46 مليار ريال عماني بعد أن كان حتى مارس الماضي 22.315 مليار ريال عماني.
أما الحدث الثاني فتمثل في رفع وكالة ستاندرد آند بورز تصنيفها الائتماني لسلطنة عُمان من «B+» إلى «BB-» مع نظرة مستقبلية مستقرة.
والحدثان مرتبطان ببعضهما البعض، ومرتبطان أيضًا بالسياسة المالية الجديدة التي تتبعها سلطنة عمان وبشكل خاص الالتزام بتطبيق خطة التوازن المالي التي بدأت مطلع العام الماضي واستطاعت حتى الآن إعادة التوازن إلى الوضع المالي في البلاد مدعومة بمستوى التعافي من جائحة كورونا منذ الربع الأخير من العام الماضي وكذلك ارتفاع أسعار النفط التي تجاوزت ضعف المبلغ المقدر لبناء الميزانية.
واستطاعت سلطنة عمان تسديد 1.49 مليار ريال عماني بنهاية مارس الماضي، ويتم الآن إنهاء إجراءات سداد قرض آخر قيمته 1.365 مليار ريال بنهاية الشهر الجاري، وإذا كانت تقديرات خطة تسديد الدين تشير إلى 10 سنوات تقريبًا فإن الوضع الحالي يمكن أن يقلص المدة كثيرًا ما يعني عودة الانتعاش الاقتصادي وعودة المشروعات الكبرى.
وعندما نقول إن الحدثين مرتبطان ببعضهما كثيرًا فلأن رفع تصنيف سلطنة عمان الائتماني مرتبط بالقدرة على الاستمرار في تسديد الديون ونجاح استراتيجية إدارة الدين، لكنّ هناك أمرًا آخر مهمًا ينتج عن هذا التصنيف الجديد وهو أن هذا التصنيف يتيح لسلطنة عمان تسديد الديون السابقة بقروض جديدة أقل كلفة حيث كانت السلطنة قد اقترضت في وضع كان فيه تصنيفها الائتماني منخفضًا ما يعني أنها أخذت قروضًا بمعدل فائدة مرتفع أما الآن فتستطيع أخذ قروض جديدة بمعدل فائدة أقل بكثير من المعدل السابق لتسديد القروض السابقة وبذلك تستطيع كسب الفارق من سعر الفائدة، وهو مبلغ ضخم جدًا بالنظر إلى حجم المديونية.
لكن استراتيجية إدارة الدين التي أكد عليها حضرة صاحب الجلالة السلطان المعظم – حفظه الله ورعاه – خلال أحاديثه الأخيرة للمواطنين تتمثل في توجيه نسبة كبيرة من فوائض أسعار النفط المرتفعة الآن إلى تسديد الدين، إضافة طبعًا إلى تعزيز مشروعات التنمية، وهذا في حد ذاته توجه حكيم جدًا حيث زادت فوائد دين سلطنة عمان العام الماضي عن 1.25 مليار ريال عماني وهو مبلغ كبير جدًا كان يمكن أن يساهم في بناء مشروعات تنموية كبرى.
وعزت وكالة ستاندرد آند بورز رفع تصنيفها الائتماني لسلطنة عُمان إلى «الإجراءات المالية التي اتّخذتها الحكومة في إطار الخطة المالية متوسطة المدى وارتفاع متوسط سعر بيع النفط ومعدل الإنتاج النفطي». وما يبعث على المزيد من الاطمئنان أن تقرير الوكالة توقع تحقيق سلطنة عمان لفائض مالي بنسبة 5.7% من الناتج المحلي الإجمالي.
إن استمرار مؤشرات تحسن الأداء المالي لسلطنة عمان في وقت تتحسن فيه أسعار النفط بشكل كبير إضافة إلى استمرار مبادرات خطة التوازن المالي، كل هذا من شأنه أن يقلص المديونية ويرفع بشكل كبير تصنيف السلطنة السيادي وينعش مشروعات الاقتصاد ويستمر في توفير فرص عمل حقيقية للشباب العماني.

