بمُباركة من صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -أيده الله ونصره- أقرَّ مجلس الوزراء، قبل عدة أيام، خطة التحفيز الاقتصادي، والتي كان لإقرارها أثر إيجابي على كثير من الأوساط التجارية، التي أوقفت نزيف الخسائر، وقلَّلت آثار تداعيات فيروس “كوفيد 19” وما قبله.. إقرار خطة التحفيز في هذا التوقيت خطوة محمودة وتحسب للحكومة، وهي لِتدارك ما هو أخطر، لكن: هل الخطة كافية؟ المقال سيحاول الإجابة عن هذا السؤال.
هذا المقال يركز على أربعة جوانب؛ أولا: “شكر الحكومة” على إعلانها هذه الخطة في هذا التوقيت، وهو تدارك وتدخُّل ملح، وفي التوقيت المناسب؛ وذلك لأن أيَّ تأخير في الإعلان عن الخطة التحفيزية، يعني المزيد من الخساره، والإحباط، وانعدام الثقة، وهجرة الأموال الموجودة هنا إلى خارج السلطنة، وعدم إمكانية جلب أي استثمارات مستهدفة جديدة لعُمان، وتصفية شركات، وتقليص أعمال، وهلمَّ جرًّا؛ لذلك التدخل الحكومي كان إيجابيا وملحا ومحمودا.
ثانيا “سرعة التنفيذ”: الخطة التحفيزية المعلنة تلامس عدة شرائح، وتنفيذها يكون من عدة جهات؛ لذلك إعلان الخطة لا يعني الكثير، ما لم يكن التنفيذ سريعا ومحسوسا من الفئات المستهدفة؛ فغالبا ما تجد الخطط نموذجية في كتابتها، لكنه وللأسف الشديد وفي أحيان كثيرة تجد تنفيذها لا يعكس نموذجيتها المعلن عنها في الأوراق؛ بسبب البطء أو عدم الجاهزية أو عدم وضوح الرؤية للخطوات التنفيذية الأمامية. ولتفادي ذلك، كان من الممكن إصدار دليل استرشادي يوضح خطة التنفيذ بشكل مفصل، موضحًا به الجهات التنفيذية والتواريخ والاشتراطات.
ثالثا “التقييم”: عندما نتحدث عن الأنشطة التجارية، فإننا نتحدث عن آلاف الأنشطة؛ لذلك سوف نجد هناك من يرى أن خطة التحفيز الحالية لم تلامسه، ولم يستفد منها بالشكل الكافي، وركزت على أنشطة، وأهلمت أنشطة أخرى، وأنَّ نشاطه يحتاج مزيدًا من الدعم والمساعدة؛ لذلك من الجيِّد تقييم الخطة من قبل جهات مستقلة، وأقترح في هذا الصدد إقامة تعاون مشترك، وتشكيل فريق مُستقل من غرفة تجارة وصناعة عمان وجامعة السلطان قابوس والجمعية الاقتصادية العمانية، وخبراء مستقلين لتفنيد الخطة، وقياس أثر هذه الخطة ميدانيا على المدى القصير والمتوسط، واقتراح أي توصيات مستقبلية لتكون حِزمة مُحفِّزة إضافية تتناسب مع المعطيات والمتغيرات والتحديات المتلاحقة داخليا وخارجيا.
رابعا “التطوير الدوري”: الاقتصاد عنصر حيوي في أي مجتمع، والظروف الداخلية والخارجية في تغيُّر مستمر، ولابد من وجود فرق متخصصة ترصد هذه المتغيرات، وتوصِي بالتأقلم معها بسرعة فائقة. وعليه، لابد من الوعي بأنَّ التطوير الدوري للخطط التحفيزية غاية في الأهمية ومطلب متجدد، خاصة وأنَّ السلطنة في أهم وأصعب مرحلة في نهضتها، مرحلة النهضة المتجددة.
وللإجابة عن سؤال: هل الخطة التحفيزية الحالية كافية، أرى أنها جيدة، لكنها ليست نهاية المطاف، بل يمكن توسعتها بدون أي ضرر مالي على الدولة؛ وذلك من خلال كل الجهات الحكومية المعنية، وهي أنْ تأتي كل جهة حكومية بشكل مستقل وبدون استثناء، وتُعلن عن خططها التحفيزية، وإمكانياتها لتقديم الدعم كل في مجاله، ومنح مزايا إضافية حسب النشاط، وتسميتها بالحزم الاقتصادية التحفيزية الإضافية، وضمها إلى الخطة الشاملة، ويُمكن من خلال الفريق المستقل حسب المقترح أعلاه أن يتعاون مع كافة الجهات الحكومية المختلفة، والبحث عن أي تغيُّرات وممكنات وتسهيلات مستدامة تجعل من عمان خيارا مفضلا وتنافسيا للمستثمر المحلي والمستثمر الخارجي؛ فالعالم في سباق لا ينتهي، وعُمان جزءٌ من هذا السباق العالمي، وتسعى لأن تكون في موقع يليق بها.
خلفان الطوقي