عمّان في 29 مارس / العمانية / يناقش الباحث الأردني إبراهيم غرايبة في كتابه “
جينالوجيا التقدم” التكوينَ الاقتصادي والسياسي والاجتماعي للإصلاح والتنمية، منطلقًا
من تعريف صمويل هنتننغتون للتقدم بأنه “التغير باتجاه التطوير الإيجابي في مجموعة
من المؤشرات، من أهمها النمو الاقتصادي، ومستوى المعيشة (الرفاه) والعدالة
الاجتماعية والاقتصادية، والحريات والديمقراطية”.
وتضمّن الكتاب الذي صدر عن مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية ستة
فصول توزعت على 750 صفحة؛ وناقشت محاور من أبرزها: كيف تتقدم الأمم؟ وإدارة
وتنظيم الموارد بعدالة وكفاءة، ورأس المال الاجتماعي والثقافي، وقيم التقدم (الاعتدال
والثقة ونبذ الكراهية والتطرف).
وبحسب المؤلف، فإن الحديث عن التقدم يقتضي بالضرورة الحديث عن المخاطر التي
تهدد حياة الأمم وتقدمها، مثل ضعف مؤشرات التنمية والتقدم في كلٍّ من الاقتصاد
والتعليم والصحة والتكامل الاجتماعي والحريات والديمقراطية والشعور بالرضا.
ويوضح غرايبة أن تقرير الأمم المتحدة للتنمية البشرية يعدّ أفضل مقياس للتقدم، إذ يحدّد
مجموعة من المؤشرات القياسية لملاحظة الإنجاز والقصور لدى الأمم ومقارنتها ببعضها
بعضًا، وكذلك التغيّر في المؤشرات عبر السنين والتوقعات المستقبلية، ومن أهمها
مستوى الدخل والحياة الفضلى المستدَلّ عليها بمجموعة من المؤشرات مثل التعليم
المدرسي والجامعي والمدارس والمهارات والكفايات المعرفية، والعمر المتوقَّع المستدَلّ
عليه بالخدمات الصحية وتلقّي الرعاية الصحية الأساسية وخدمات الرعاية الاجتماعية،
والاستقرار السياسي المستدَلّ عليه بالأمان وحماية الأرواح والملكيات الخاصة والحريات.
ويؤكد المؤلف أن سلسلة الازدهار والتقدم تقتضي تكريس قيم تحمي التقدم وتديمه في
وعي الأمم وثقافتها، مثل الاعتدال والتسامح والتعددية والتنوّع والثقة ومواجهة التعصب
والكراهية. فالمجتمعات بحسبه “تتّبع في علاقاتها وتنظيم مواردها منظومة من القيم
والثقافات الإيجابية والتقدمية، ثم تدور حولها المؤسسات السياسية والعامة، وهي قيم
وأخلاق يُفترض أن ينشئها موقفٌ عقلاني، فإذا لم تكن القيم والأخلاق عقلانية، فإن
السلوك السياسي والاجتماعي الفردي والجماعي يمكن أن يتحوّل إلى تسويات غير
أخلاقية، ويزوّد التخلفَ بمبررات أيديولوجية أو اجتماعية وثقافية”.
ويرى غرايبة أنّ الإصلاح يبدأ بتقليل الفروق والفجوات الاقتصادية والاجتماعية بين
الفئات ودمجها معًا في رواية جامعة للمواطنين لا تستثني أحدًا منهم، لذلك فإنه يحاول في
كتابه هذا إنشاء علاقة إيجابية مع المكان والموارد أكثر من اهتمامه بوضع نظرية أو
تثبيت إحدى النظريات أو نقضها.
/العمانية/ 174