بادئ ذي بدء، نحمد الله سبحانه على السراء والضراء، ونبتهل إليه جلَّ وعَلَا، متوسِّلين متضرِّعين مخبتين بأن يرفع عنا والعالم أجمع هذا البلاء الذي اجتاح الأرض، وهو سبحانه الحكيم الخبير، ونثني على الجهود المبذولة من قبل اللجنة العليا المكلفة ببحث آلية التعامل مع التطورات الناتجة عن انتشار فيروس كورونا “كوفيد 19”، والجهات الحكومية في مكافحة هذا الوباء. ولا شك هناك جهود كبيرة وتنسيق على صعيد عالمي، ولكن ثقتنا بالله أكبر فهو القادر على كل شيء، وهو اللطيف الخبير، وهو الرؤوف الرحيم .
ونحن نستقبل هذه الأيام شهر رمضان الفضيل بما يحمل من قدسية عظيمة لدى الأمة الإسلامية، وخصوصية دينية واجتماعية وروحية وقلوبنا ومشاعرنا متعلقة برب السماء والأرض أن يخفف وطأة هذه الجائحة، وأن يرفعها من الأرض كليا، فإن علينا جميعا أن نسهم في المساعدة بما يجب علينا من التزام شامل لكل التوجيهات، ويهمنا أيضا بالمقابل أن نقدم رؤيتنا الفكرية حول الجائحة، وإسقاط جزء من الرأي العام المحلي فيما يتعلق بشهر رمضان المبارك .
لا شك أن هذا الكون يسير وفقا لإرادة الله وسننه بالخير والشر، كما قال سبحانه “وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ۖ وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ” والبلاء الذي اجتاح الأرض منذ نهاية العام ٢٠١٩م المسمَّى (كوفيد ١٩) أو وباء كورونا وهو مستمر حتى اليوم يتحور على شكل سلالات أصابت البشر، ووضعت العالم في حالة مأساوية. بلا شك كل ذلك وفق إرادة الله وقدرته ونواميسه، قال تعالى: “ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس” ثم قال سبحانه: “ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون” صدق الله العظيم. وعندما نستدرك بتلك الآيات، فذلك مما علمنا ديننا الحنيف في القرآن والسنة المحمدية، وما هذا الوباء إلا حالة من حالات البلاء والابتلاء، وعلينا أن نستشعر هذا البلاء من هذه الزاوية الدينية والروحية، وإذا عرفنا ذلك أو اتفقنا أن الأمر تحت إرادة الله ومشيئته فإن علينا هنا أن نتفق أيضا أن المعالجات لا يمكن أن تكون مادية فقط، وبالذات لدينا كمسلمين مؤمنين بالقضاء والقدر خيره وشره، وبالتالي فإن علينا كأمة إسلامية في مثل هذه الحالات أن ندرك ونتدارك المعالجات الروحية الدينية، ونوجِّه أبناء هذه الأمة إلى الدعاء والصلاة والتضرع إلى الله في كل وقت أن يرفع عنا هذا الوباء، مستشعرين بكل مداركنا وقلوبنا أن الدعاء يصرف القضاء، وأن الدعاء أهم وسيلة نتوسَّل بها إلى الله ونتضرَّع إليه وندعوه في كل وقت وحين بأن يرفع عنا هذا البلاء، ويخفف وطأة الداء، ويرحم ضعفنا وجميع المسلمين بل العالم أجمع، وتوجيه أبناء الأمة نحو هذه المعالجات الروحية الإيمانية إلى جانب المعالجة المادية طبعا التي لا شك أن الجميع يدركها ولا يمكن أن يتجاهلها طالما كان الأمر معنيا بحياته وصحته، أما توجيه المواطن نحو الالتزامات المادية وتجاهل هذا التوجيه الرباني فأعتقد شخصيا أن هناك قصورا في المعالجة، وعلى الجهات الدينية الاضطلاع بها إن كانت هذه الفكرة صائبة، وبالتالي فإن على الجهات الدينية والمسؤولة في بلدنا والبلاد الإسلامية الأخرى وجميع الملل والأديان أن تحقق هذه القاعدة الإيمانية باللجوء إلى رب الكون ليخفف عنا هذا الحال ويرفع هذا الوباء، “وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ”. وقبل الختام أتوجَّه إلى اللجنة العليا ونحن في استقبال هذا الشهر الفضيل مناشدا لها واستدراكا لجزء من الرأي العام المحلِّي بتمديد ساعة واحدة قبل الحظر المسائي، بحيث يبدأ الحظر الساعة العاشرة ليلا بدلا من التاسعة لاعتبارات كثيرة وخصوصية لحالة كثير من الناس التي تعاني كثيرا من الأمراض والظروف، خصوصا في هذا الوقت من الشهر المبارك، حيث يظل المسلم طوال اليوم في صيام ثم يأتي المساء بالإغلاق؛ لأن هذه الساعة المطلوبة بين التاسعة والعاشرة لها أهمية كبيرة، حيث تأتي بعد الصلاة مباشرة وبها يحتاج الإنسان أن يتنفس قليلا ويمارس الرياضة الممكنة وأغلب الناس بحاجة إلى ذلك، ونتمنى من اللجنة الموقرة النظر في هذا المطلب بعين الاعتبار، ونسأل الله سبحانه أن يرفع عنا هذا الوباء، ويحفظ بلادنا وسائر بلاد المسلمين والعالم أجمع، والله خير حافظا وهو أرحم الراحمين، والحمد لله رب العالمين .
خميس بن عبيد القطيطي